١ ـ إن قولي فيما رواه الشيخان أو أحدهما : «صحيح» وكنت قدمت الجواب عنه في المقدمة الملحقة المشار إليها آنفا وهو قولنا فيها :
«رغبتنا في إيقاف القارئ بأقرب طريق على درجة الحديث بعبارة قصيرة صريحة ...» واطردا لطريقتي في تخريج الأحاديث حسبما شرحته في مطلع هذه المقدمة. غاية ما في الأمر أنه لم يطرد لي ذلك في بعض الأحاديث للسبب الذي سبق بيانه فجاء هذا المتعصب فعلّل ذلك بتعليل من عند نفسه إرواء منه لحقده وغيظه ، فقال كما تقدم نقله عنه :
«وما لم يقل فيه ذلك يكون متوقفا فيه ...» الخ .. ثم أعاد هذا فقال (ص ٤) عن تقريره متسائلا ، مجيبا نفسه بنفسه :
«فهل الحكم لهذا الحديث بالصحة آت من حكمه هو له ، أو من إخراج مسلم لهذا الحديث في صحيحه وحكمه له بالصحة. الجواب أن الصحة لهذا الحديث وأمثاله آتية من حكمه هو له بالصحة ، وليس من حكم الإمام مسلم ، بدليل أنه علق على غيره مما أخرجه مسلم بقوله «صحيح» وتارة يقول : (صحيح ، متفق عليه)».
فأقول ، وبالله أستعين :
إن هذا الجواب الذي أجاب به نفسه لهو محض تخرص واختلاق ، لأن كل من شم رائحة العلم بالحديث الشريف يعلم بداهة أن قول المحدث في حديث ما : «رواه الشيخان» ، أو «البخاري أو مسلم» إنما يعني : أنه صحيح. فاذا قال في بعض المرات : «صحيح ، رواه الشيخان» أو «صحيح ، رواه البخاري» أو «صحيح ، رواه مسلم» فهو من باب البيان والتوضيح والتأكيد لصحة الحديث. فاذا قال «رواه الشيخان» أو نحوه فلا ينافي أنه صحيح. غاية ما في الأمر ، أن التعبير مختلف والمعنى متحد. فأي شيء في هذا الاختلاف في التعبير؟ وإنما أتي هذا المتعصب من جهله بهذا العلم ، وضيق فكره وعطنه ، إن سلم من سوء قصده ، وفساد طويته ، الذي يدل عليه بعض أقواله المتقدمة مما سيأتي التعليق عليه ، ولفت النظر إليه ، وإنما قلت : «من جهله» ، لأني لا أستبعد على مثله أن يخفى عليه مثل