شفعاء ، كما أخبر عنهم تعالى بقوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) الزمر : ٣. (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يونس : ١٨.
وكذلك كان حال الامم السالفة المشركين الذين كذبوا الرسل. [كما] حكى الله تعالى عنهم في قصة صالح عليهالسلام عن التسعة الرهط الذين تقاسموا بالله ، [أي تحالفوا بالله] ، لنبيتنّه وأهله. فهؤلاء المفسدون المشركون تحالفوا بالله على قتل نبيهم وأهله ، وهذا بيّن أنهم كانوا مؤمنين بالله ايمان المشركين.
فعلم أن التوحيد المطلوب هو توحيد الالهية (٢٢) ، الذي يتضمن توحيد الربوبية. قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الروم : ٣٠. (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ. وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) الروم : ٣١ ـ ٣٦ وقال تعالى : (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابراهيم : ١٠ وقال صلىاللهعليهوسلم : «كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه (٢٣)» ولا يقال : ان معناه يولد ساذجا لا يعرف توحيدا ولا شركا ، كما قال بعضهم ـ لما تلونا ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم فيما يروي عن ربه عزوجل : «خلقت عبادي حنفاء ، فاجتالتهم الشياطين» (٢٤) الحديث. وفي الحديث المتقدم ما يدل على ذلك ، حيث قال : «يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه» ولم يقل : ويسلمانه. وفي
__________________
(٢٢) ذكر المؤلف النوع الأول والثاني ، ولم نجد في النسخة المخطوطة أو في النسخ المطبوعة ذكرا للثالث ، ويبدو أن محله هنا.
(٢٣)؟؟ عليه من حديث أبي هريرة وهو مخرج في «ارواء الغليل» (١٢٢٠).
(٢٤) رواه مسلم واحمد من حديث عياص بن حمار.