أحد هؤلاء : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يذكر إسناده وصار الحديث بذلك صحيحا. فما قيمة الاسناد حينئذ ، ويا ضيعة جهود المحدثين في جمع الأسانيد.!
هذا مع أن المعروف عنهم أنهم يردون كثيرا من الأحاديث المرسلة ، فضلا عن المعضلة إذا كانت خلاف مذهبهم ، وما لهم لا يفعلون ذلك ، وهم يردون أيضا الأحاديث الموصولة أيضا ، وتجد بعض الأمثلة على ذلك في كتابي «أحكام الجنائز وبدعها» ، فهل هذه القواعد وضعت لأجل الرد على خصومهم والتستر بها ، فإذا كانت عليهم لم يلتفتوا إليها؟!
وقابل هذه القاعدة بقاعدتهم الآتية :
٣ ـ لا يقبل قول أئمة الحديث : «هذا الحديث غير ثابت ، أو منكر .. من غير أن يذكر الطعن»!
سبحان الله! ما هذه المفارقات ، قول أهل الاختصاص في الحديث إذا ضعفوا الحديث لا يقبل. واستدلال المجتهد بحديث ما تصحيح له. فهذا يقبل مع أنه لم يصرح بالتصحيح ، وكذلك قول من دون التابعين : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبل حديثه على أنه صحيح وقد لا يكون من العلماء بالحديث؟!
أليس معنى هذه القاعدة هدم جانب كبير من علم الحديث وأقوال العارفين به ، فإن هناك مئات بل ألوف الأحاديث لا نعرف ضعفها ونكارتها إلا من قول المحدثين بذلك فيها. فاذا قال مثل الحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي في حديث ما : إنه ضعيف ، فكيف لا يقبل منهم وهم أهل الاختصاص!! ولكن لعلهم يستثنون منهم الحافظ الزيلعي لأنه حنفي المذهب!
نعم لو قيدوا قولهم أو قاعدتهم هذه بما إذا كان هناك مخالف من علماء الحديث ذهب إلى تصحيحه ، فالأمر في هذا قريب ، ومع ذلك ، فالصواب في هذه الحالة أنه لا بد من الرجوع إلى قاعدة أخرى معروفة في علم الحديث وهي : إذا تعارض الجرح والتعديل ، فأيهما المتقدم؟ والصحيح أن الجرح هو المقدم إذا كان سببه مبينا وكان في نفسه جارحا ، وبيانه هناك ، ومن الغريب أن صاحب المقدمة قد رجح فيها (ص ١٧٥) هذا الذي صححته ، فكيف قعّد هذه القاعدة المنافية لترجيحه؟! ولما ذا