تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [سورة النور ، الآية : ٥٥] ، وغيرهما من الآيات المباركة.
ويمكن أن يجعل غلبة الحقّ على الباطل من السير الاستكمالي للطبيعة الإنسانيّة ، كما أشرنا إليه في عدّة مواضع من هذا التفسير.
الثالث : الآية الشريفة تتضمّن الوعد بالغلبة والفوز بالنجاح للمؤمنين ، وهو من المغيّبات القرآنية التي هي كثيرة في القرآن الكريم.
الرابع : صريح الآية الشريفة عدم شمول الشفاعة للكافرين ، وأنهم في جهنم خالدون ، وقد تقدّم في سورة البقرة البحث في الشفاعة وموارد ثبوتها فراجع.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللهِ) على العلّة في غلبة الفئة القليلة على الفئة الكثيرة ، فإنه كلّما خلصت النية وكانت الغاية سبيل الله تعالى ، كان التأييد من الله تعالى أكثر ، وأن المؤمن أشدّ ثباتا في سبيله تعالى وأكثر عزيمة ، وهو من أهمّ أسباب الظفر والغلبة والنجاح.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) على العلّة في استحقاق الإنسان للعقاب في الآخرة ، وهي أن المعاصي إذا صارت عادة للإنسان بحيث لا يضمر إلا الذنب والمعصية مهما طال به العمر ، استحق العقاب الدائم.
وفيه ردّ على من زعم أن عمر الإنسان محدود في الدنيا ، فلا وجه لاستحقاق العاصي العذاب الدائم وخلوده في النار ، فهو إنما يستحق لأجل إضماره المعصية والذنب مهما طال به العمر ، بحيث صار عادة له.
السابع : يستفاد من قوله تعالى : (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، أن أخذ الله تعالى للعاصين وعقابهم لا يكون من طرف خاص ، كالفوق أو التحت أو نحوهما ، كما في الشرور المتوجّهة إلى الإنسان ، بل أخذه تعالى من جميع الجهات والخصوصيات ، فلا تنفعه الأموال والأولاد والعزّة والملك.
الثامن : إنما قدّم سبحانه وتعالى الأموال على الأولاد ، لكون حبّ المال عند الإنسان آكد وأقدم من حبّ الولد ، وإن كان حبّ الولد قد يغلب على حبّ المال ، قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) [سورة الأنفال ، الآية : ٢٨] ،