جميع النواقص الواقعيّة والادراكيّة ، من حيث قيوميّته الكبرى وربوبيّته العظمى ـ محيط على جميع ما سواه بأنواعه وأفراده وأجزائه ، قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٤٤] ، وقال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [سورة الحديد ، الآية : ٤] ، وقال تعالى : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [سورة ق ، الآية : ١٦] ، وبهذا المعنى الإحاطي هو الله الواحد الأحد والمعبود الفرد ، فالتوحيد ثابت في مرتبة الذات والصفات والفعل ، وجملة : (لا اله الّا الله) ، تدلّ على ذلك.
وبالجملة : أن شهادة الله تعالى بوحدانية ذاته المقدّسة ..
تارة : تكون تكوينيّة ، وهي التي أسّسوها بالبراهين القطعيّة في الفلسفة من انتهاء جميع الممكنات إليه عزوجل.
واخرى : قوليّة ، وهي التي أثبتتها هذه الآية الشريفة ونظائرها ، مثل قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [سورة محمد ، الآية : ١٩] ، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة.
وأما شهادة الخلق بالوحدانيّة ، فالتكوينيّة ثابتة لهم ، أقرّوا بها في اللسان أم لا ، لحكاية المجعول عن الجاعل تكوينا ، وأما الاختياريّة ، فمنهم من آمن ، ومنهم من لم يؤمن.
والشهادة يمكن أن تكون ذاتيّة لظهور الذات بالذات في الوحدانيّة ، وأنه لا إله غيره ، فلا شريك له في الذات ، ويمكن أن تكون فعليّة ، فلا شريك له في الفعل ، فتكون جميع أفعاله آيات دالّة على وحدانيّته ، وأن تكون قوليّة كما تشهد بها جميع الكتب السماويّة. وإن كان ظاهر السياق بلحاظ إفهام المخاطبين هو الأخيرة ، وإن كان بعضهم له أهلية درك الشهادات الثلاثة.
ثم إن الشاهد ـ أي الحاضر كما تقدّم ـ إن اعتبر فيه العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد. وحيث إن علمه تعالى عين ذاته ، فتكون خبرويّته بالأشياء عين ذاته ،