قد يخفى ، ولذا سمّي الميزان قسطا ، لأنه يظهر العدل في الوزن.
فالقسط النصيب ، فإذا أعطى كان إنصافا وعدلا ، وإذا منع كان جورا كما في قوله تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) [سورة الجن ، الآية : ١٥].
الثامن : يظهر من سياق الآية الشريفة أن منشأ القيام بالقسط هو الشهادة بالوحدانيّة ، ولا بد أن تكون كذلك ، لأن في الوحدانيّة الحقّة تنطوي جميع المعارف الحقّة.
التاسع : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) على أنه لا بد للإنسان من منهج في حياته ، وهو الذي يتكفّل جميع جهاته التكوينيّة والتشريعيّة ولا يمكن التخطّي والإعراض عنه ، وأنه لا بد من الخضوع والانقياد لله تعالى الذي هو رأس كلّ كمال.
كما أنه يدلّ على أن أساس النظام هو الدين ، وأن الانقياد بدونه فاسد ومخل بالنظام ، فهذه الآية الشريفة من أعظم الآيات الدالّة على أن لا بد للإنسان من منهج يقوّمه ودستور ينظم به شؤون حياته ، وهذا هو مقتضى الفطرة أيضا ، ولذا كانت القضايا الواردة في هذه الآية من القضايا الفطريّة الحقيقيّة.
العاشر : يستفاد من الآية الشريفة أن المشركين في الذات كالثنويّين ، أو في المعبود كالوثنيّين أو في العبادة كالمرائين ، لا حظّ لهم من هذه الآية الكريمة.
الحادي عشر : يدلّ قوله تعالى : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) على أن الإنسان لا بد له من الإذعان بما تبيّن له من المعارف الإلهيّة ، والعمل بها والوقوف عند ما لا يعلمه ، وقوف تسليم ، وأن خلاف ذلك يكون من البغي ، كما يستفاد أن كلّ خلاف واختلاف إنما يكون لطلب الاستيلاء والظلم على كتاب الله والمعارف الحقّة.
الثاني عشر : يدلّ قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) على النهي عن اللجاج والمراء مع منكر الضرورة ، وأنه لا ثمرة فيه إلّا الجدال والخصام ، كما أنه يدلّ على أن الرسول ليس له في أمر الهداية والضلالة شيء ، بل هو مبلّغ كما ذكرنا.