وأما قوله عليهالسلام : «والمؤمن من أخذ دينه عن ربّه» ، فهو كالنتيجة للبيان السابق ، لأن ما كان من الله سبحانه وتعالى مبدءا ومسيرا وينتهي إليه ، لا بد لأن يؤخذ منه فقط ، لأن غيره لا يمكنه ذلك عقلا.
وأما وله عليهالسلام : «إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله ، وإن الكافر يعرف كفره بإنكاره» ، فهو قضية عقليّة دليلها يستفاد من نفس تصوّرها ، لأنه لو لم يكن العمل والقول مطابقين للمعتقد ، فلا أثر لهما أبدا ، فكلّ من نظر إلى عمله وسرّته حسنته وساءته سيئته ، فهو مؤمن كما تطابق عليه الكتاب والسنّة.
وإن الكافر يعرف كفره بإنكاره ، لأن منشأ الكفر ـ مطلقا ـ لا بد أن يرجع إلى إنكار التوحيد وجحده.
وأما قوله عليهالسلام : «يا أيها الناس دينكم دينكم» ، يعني : الزموا دينكم ثم التزموا به. وهذه الجملة يؤتى بها في مقام التأكيد والتثبيت والتقريب.
وأما قوله عليهالسلام : «إن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ... إلى آخر الرواية» ، لأن شرط قبول الحسنة الدين والتقوى ، والمفروض عدم تحقّقهما في الكافر.
في أسباب النزول للواحدي : «لما ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام ، فأبصروا المدينة قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي يخرج في آخر الزمان ، فلما دخلا على النبيّ صلىاللهعليهوآله عرفاه بالصفة والنعت ، فقالا له : أنت محمد؟ قال : نعم ، قالا : وأنت أحمد ، قال : نعم ، قالا : إنا نسألك عن شهادة ، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك ، فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوآله : سلاني ، فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله ، فأنزل الله تعالى على نبيّه : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) ، فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله».
أقول : هذا من أحد أسباب نزول الآية الشريفة ، ويمكن أن يكون لها أسباب اخرى.