سبب كفرهم بدين الله وإعراضهم عن كتابه ، فضلّوا عن الصراط المستقيم.
قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ).
برهان عقلي على بطلان جميع المزاعم الفاسدة والأوهام الباطلة ، ودليل قاطع على بطلان كلّ افتراء وقول لا يستند إلى حقيقة ، وهو ظهور الأعمال والأقوال والمعتقدات في السير الاستكمالي الإنساني في عالم محيط بهذا العالم ، تبدو الضمائر فيه وتنكشف السرائر ، فيرى الإنسان بنفسه جميع أعماله وأقواله ومعتقداته بنفسه حاضرة لديه بلا مرية وارتياب ، وحينئذ يغني العيان عن البرهان ، وهذا من أقوم الأدلّة العقليّة التي قرّرتها الشرائع السماويّة.
وفي الآية الشريفة روعة الأسلوب وبديع الفصاحة ، وفيها التوعيد والإيعاد ، وإنما ذكر الجمع دون الأحياء والبعث ، لأن الجمع يدلّ عليهما بالملازمة ، ولأن اجتماعهم على الافتراء ، والخلاف في الدنيا لا يغني عنهم جمعهم في الآخرة ولا يعجزه تعالى جمعهم ، وفيها من التهويل ما لا يخفى.
قوله تعالى : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
أي : وتوفّى كلّ نفس ما كسبت وعملت ، وهم لا يظلمون في ذلك من دون أن ينقص من عملهم شيء.
وتدلّ الآية الشريفة على أن الجزاء معلول نفس العمل ، بلا مدخلية شيء آخر فيه ، ويصحّ أن يعبّر عن ذلك بظهور الأعمال بصورها المناسبة لذلك اليوم ، فإن الحقيقة واحدة والمظاهر مختلفة باختلاف العوالم ، ولذلك أتى بالفعل المجهول المنسوب إلى ذاتهم.