المغرور إنما هو وهم وخيال ، ومن نشأ في عالم الأضداد ودار الكون والفساد وتزاحم الآراء واختلاف الأهواء مع غلبة مشيئة العزيز الجبّار ، كيف يصلح له أن يغتر بشيء؟ وكيف يرى شأنا لنفسه من نفسه ، فإنه من أعظم أنواع كفران المنعم ونسيان النعمة والانهيار في الهاوية ، وهذه من المقامات التي تحط دونها الرحال وتزل فيها أقدام الرجال.
وينحصر علاج هذا الداء العظيم المهلك بالتفكّر في عظمة الله تعالى وفناء الدنيا وما فيها ، والتفكّر في الحوادث الواقعة بين أيدينا ، وبعد التأمّل في جميع ذلك يزول الغرور لا محالة ، كما نرى في حالات الأنبياء والأولياء وعباد الله المخلصين ، فإنهم لا يرون لأنفسهم شأنا إلّا بإضافة أنفسهم إلى الله تعالى ، قال علي عليهالسلام : «كفى بي فخرا أن أكون لك عبدا ، وكفى بي عزّا أن تكون لي ربّا» ، وقد سأل شخص مولانا الباقر عليهالسلام : «أنت من علماء أمة محمد صلىاللهعليهوآله؟ فقال عليهالسلام : لست من جهالها» ، وفي الصحيفة الملكوتيّة السجاديّة : «اللهم لا ترفع لي درجة عند الناس إلا حططتني عند نفسي مثلها» ، وسيأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام في الغرور ونواحيه إن شاء الله تعالى.