قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
إعلان عامّ لسعة غفرانه ورحمته مع قابلية الموضوع ، وهو في مقام التعليل لصدر الآية الشريفة.
قوله تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ).
تأكيد لما تقدّم ، وبيان لحقيقة متابعة الرسول ، وشرح لمعنى محبّة الله تعالى ، فإن الآية السابقة تدعو إلى محبّة الله ومتابعة الرسول ، وهما لا تحصلان إلا بإطاعة الله والرسول ، وهي لا تحصل إلا باتباع الشريعة التي أنزلها الله تعالى على نبيّه بإخلاص ، وبه تتحقّق طاعة الله ورسوله ، فتكون إطاعة الله وإطاعة الرسول واحدة. ويدلّ على ذلك عدم تكرار الأمر ، فلو كانت الإطاعتان مختلفتين لقال عزوجل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول كما في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٥٩].
نعم ، يكفي صدق إطاعة الله ورسوله بإتيان العبادات تقرّبا إلى الله تعالى ، وإتيان غيرها على حسب الوظيفة الشرعيّة التي أرادها الله تعالى ، وبه تتحقّق متابعة الرسول صلىاللهعليهوآله ، سواء قصدها حين العمل أم لا ، لأن هذا القيد يحتاج إلى دليل وهو مفقود.
وظاهر الأمر إرشاد إلى إتيان نفس التكاليف كلّها ، كما في أوامر (أطيعوا الرسول) في كلّ ما ورد في القرآن الكريم.
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ).
أي : أن التولّي من إطاعة الله والرسول كفر ، والله لا يحبّ الكافرين ، والتولّي إما أن يكون اعتقادا وعملا فهو الكفر ، وإن كان عملا فقط مع بقاء الاعتقاد ـ لو فرض ـ فهو الفسق ، وقد يوجب الكفر ، ولعلّ إجمال قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) ، لأجل هذه الجهة.
وفي الآية المباركة اشعار بأن الحبّ المنفي إنما يكون في التولّي عن طاعة الله والرسول ، كما أن صدر الآية الشريفة يثبت أن الحبّ إنما يكون في متابعة الله والرسول ، ولا يخلو ذلك من اللطف كما لا يخفى.