يمكن التفكيك بين الوجود والماهيّة مطلقا ، فالآثار مترتبة على الوجود ، سواء قلنا بالأولى أم الثانية.
وهناك نظرية اخرى قرّرها بعض أعاظم مشائخ مشايخنا ، وهي جعل نفس الذات جعلا مركبا ، أي قد وجدت الذات وتجوهرت الجواهر. فالأشياء بما لها من الصفات والذات تعلق بها الجعل ، واستدلّ بآيات كثيرة وبجملة من الروايات.
ويستفاد من قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وغيره من الآيات الشريفة ، أن تمام الأشياء بذواتها ووجوداتها وصفاتها ، مجعولة ومخلوقة له تبارك وتعالى.
وما يقال : من عدم إمكان الجعل التركيبي بين الشيء ونفسه ، إنما هو في قدرة الممكن والقوى الممكنة ، لا القدرة القهّارة التي هي فوق الكلّ. وعلى هذا فيكون الأمر أوضح كما هو معلوم.
ثم إن العلل والمعلولات كما أنها مترتبة في سلسلة نظام التكوين ، فلو تخلل في البين نقصان في بعضها لا تحصل الغاية المطلوبة والغرض المقصود ، فكذلك في نظام التشريع ، من غير فرق بينهما من هذه الجهة.
بل التشريع هو الأصل في بناء التكوين إذ لو لا نظام التشريع لم يكن للتكوين أثر ، لا في الدنيا ولا في العقبى.
ومنه يظهر الوجه في خطاب الله تعالى مع حبيبه محمد صلىاللهعليهوآله : «لولاك لما خلقت الأفلاك» ، فالعلّة الغائيّة لأصل التكوين وبنائه مطلقا هي التشريع ، وقد أثبتت الفلاسفة أن العلّة الغائيّة إنما هي علّة فاعليّة الفاعل ، فهي وإن كانت مؤخّرة وجودا لكنها مقدّمة علما ، فلا بد وأن يكون نظام التشريع في جميع جهاته أرفع وأجلّ من نظام التكوين ، فلا سبيل للوصول إليه إلا بواسطة الرسول ، فهو يسدد العقل الكلّي ، وأن العقل يستمد منه فلا مناص لأحدهما بدون الآخر في مقام الإطاعة والعصيان في امتثال تكاليف الرحمن ، ممّا ضبطته السنّة والقرآن ، قال