شأن إبراهيم عليهالسلام : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٣٠] ، فإن اختياره كان بسبب النبوّة والملك والتقدّم في الإيمان والدعوة إليه والإخلاص لله تعالى.
وفي المقام الأنسب هو الاصطفاء للرسالة والولاية والعبوديّة المحضة ، التي هي أساس الكمالات الإنسانيّة ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (عَلَى الْعالَمِينَ) ، فلو كان الاصطفاء بمعنى الانتخاب منهم ، لكان الأنسب أن يقول : (من العالمين) ، فهو نوع اختيار لهم وتقديم على العالمين باعتبار أمر خاص فوق مقام النبوة والصلاح لا يشاركهم غيرهم فيه ، وهو العبوديّة والزعامة والإمامة على الناس.
وقد ذكر سبحانه وتعالى أربعة ممّن اصطفاهم على العالمين ، وهم آدم ، ونوح ، وآل إبراهيم ، وآل عمران ، ولم يذكر غيرهم ، لا سيما الذي بين آدم ونوح من الأنبياء والرسل والأوصياء ، كهبة الله شيث وإدريس وغيرهم عليهمالسلام ، وهذه قرينة اخرى أيضا على أن الاصطفاء فيهم خاص ، كما ذكرنا.
وأوّل من ذكره سبحانه هو آدم عليهالسلام ، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في ما يقارب من خمسة وعشرين موردا ، وقد اعتنى به الجليل عزوجل اعتناء بليغا باعتبار كونه أبا للبشر ، وأوّل الخليقة ، وأوّل خليفته في الأرض ، قال تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٣٠] ، وهو أول نبي من أنبياء الله تعالى ، وأوّل من شرّع له الدين ، وأوّل من اجتباه وتاب عليه ، قال تعالى في شأنه : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) [سورة طه ، الآية : ١٢٢] ، وهو الذي خلقه الله تعالى بيده وأمر الملائكة أن يسجدوا له ، وكان من ذرّيته النبيون والمرسلون وغير ذلك من المناقب التي لم يشاركه فيها غيره ، وكفى بذلك منقبة ، فهو مرآة الكمالات المعنويّة الإنسانيّة المتمثّلة في شخص خليل الرحمن وحبيب الله وآدم أبيهما.
وكم أب قد علا بابن له شرف |
|
كما علا برسول الله عدنان |
وأما نوح : الأب الثاني للبشر ، فقد ورد ذكره في القرآن الكريم أكثر من