الأوّل : التحرير على نحو يوجب التضييع والضياع وإهماله عن الكمالات ، وهذا لا يجوز ولا يصحّ في أية شريعة من الشرائع الإلهيّة.
الثاني : التحرير على نحو يوجب سمو النفس وجمعها للكمالات المعنوية ، ولكن بحيث يخرج عن مراقبة الوالدين بالكلّية والخروج عن ولايتهما الشرعيّة والتكوينيّة ، وهذا لا يجوز أيضا.
الثالث : نفس القسم السابق مع ثبوت الولاية عليه بما ثبتت في الشريعة الإلهيّة ، وهذا صحيح ولا محذور فيه ولم يرد ردع في الشريعة الاسلاميّة عنه ، لفرض وجود المقتضي للصحّة وفقد المانع عنها ، نظير دفع المولود للرضاعة إلى المرضعة مع بقاء سلطة الوالدين عليه ، أو دفعه إلى معلّم خاص ليعلّمه بعض الكمالات.
الرابع : التحرير مع انقطاع سلطنة الأبوين عن الولد بحيث لم يكن لهما أمر ونهي بالنسبة إليه ولا يعمل الولد لهما ، وإن ثبتت البنوّة التكوينيّة لهما. وهذا أيضا صحيح إذا أقدم الوالدان باختيارهما على ذلك وألقيا وجوب إطاعتهما عنه ، وأخلصوه لطاعة الله تعالى فقط. ويظهر من التواريخ أن التحرير في تلك الأعصار كان من هذا القسم.
ثم إن التبتل والانقطاع عن النكاح على أقسام :
الأوّل : أن يكون لأجل الرياضات غير المشروعة ، وهذا غير جائز ، وقد دلّت عليه الأدلّة الكثيرة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «من رغب عن سنتي فليس مني» ، وهذه هي الرهبانيّة التي ابتدعت في بعض الأديان ، قال تعالى : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٧].
الثاني : أن يكون لأجل مانع في البين ، كالعنة وأمثالها ، ولا يتّصف ذلك بالحرمة لفرض عدم القدرة.
الثالث : ما إذا كان مع وجود المقتضي والقدرة على النكاح ، لكن كان في البين أهمّ ديني يقتضي تقديمه على النكاح ، والحصر في يحيى من هذا القسم ، وهو جائز بل راجح ، وتشخيص ذلك لا بد أن يكون من ناحيته تبارك وتعالى.