ببراهين كثيرة ذكرت في محلّها.
وأما قوله عليهالسلام : «آخرها من أوّلها ، وأوّلها من آخرها» صحيح ، وذلك لأن الزمان والزمانيّات بالنسبة إليه كائن واحد ليس فيه تسلسل زماني ، مع أنا أثبتنا في علم الأصول أن الزمان مطلقا ليس مأخوذا في الأفعال ، ويدلّ عليه ذيل الرواية.
وفي تفسير القمّي : عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أوحى الله إلى عمران : إني واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذني ، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل ، فحدّث امرأته بذلك وهي ام مريم ، فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما ذكرا ، فلما وضعتها أنثى ، قالت : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) ، لأن البنت لا تكون رسولا ، يقول الله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) ، فلما وهب الله لمريم عيسى كان هو الذي بشّر الله به عمران ، ووعده إياه ، فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده ، فلا تنكروا ذلك ، فلما بلغت مريم صارت في المحراب وأرخت على نفسها سترا وكان لا يراها أحد ، وكان يدخل عليها زكريا المحراب فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف ، فكان يقول : (أَنَّى لَكِ هذا) ، فتقول : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)».
أقول : يستفاد من الرواية امور :
الأوّل : ان عمران نبيّ ، ويدلّ عليه أيضا ما عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن عمران أكان نبيّا؟ فقال عليهالسلام : نعم كان نبيّا مرسلا إلى قومه ..» ، ولا بأس بذلك لأن أنبياء بني إسرائيل كثيرون ، فكان مثل نبيّ في بني إسرائيل مثل العلماء العاملين في امة محمد صلىاللهعليهوآله الموجودين في كلّ قرية ، ويشهد لذلك قوله صلىاللهعليهوآله : «علماء امتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل».
الثاني : أن مقتضى سياق مثل هذه الآيات عدم اختصاص امتنان الله تعالى بمن أخبر به فقط ، بل يمكن شموله لآخر من نسله قريبا كان أو بعيدا ، وهذا هو