إليه أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام ، فلما أمسك لسانه ولم يتكلّم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله ، وذلك قول الله : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً)».
أقول : الرواية تدلّ على أن عدم التكلّم كان بإرادة منه عزوجل لا باختيار زكريا ، وتقدّم أن هذا من أحد معاني الآية الشريفة ، ولا بأس به في حدّ نفسه ، لأنه اعتبار حسن ، وأما عدم تيقّن زكريا من قول الملائكة بأنه من قول الله تعالى ، فلأن قول الملائكة الموكلة بالإنسان المدبّرة لشؤونه على نحوين :
الأوّل : أن يكون نفس القول اوحي إليه من ربّ العالمين ، فهم من مجرّد الواسطة.
الثاني : أن يكون ذلك القول ممّا فوّضه الله إليهم في تدبير شأن من وكّلوا به ، ولعلّ زكريا أراد تعيين أحد الاحتمالين.