رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله عزوجل أختار من النساء أربعا : مريم ، وآسية ، وخديجة ، وفاطمة» ، والروايات في هذا المضمون من الفريقين كثيرة ، وبعضها وإن دلّت على تساويهن في الاصطفاء إلا أنه لا ينافي وجود التفاضل بينهن ، كما عرفت من أن فاطمة الزهراء تفضل سائر النساء من جهات عديدة.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) أن هذه الأمور الثلاثة مرتبة على قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) فاصطفاها للزوم الطاعة والقنوت ، وطهّرها للسجود والخضوع ، واصطفاها للخشوع والركوع مع الراكعين ، فكانت هذه الثلاثة مقتضيات للأمور الثلاثة التي وردت في هذه الآية الشريفة.
الرابع : يستفاد من قوله تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) أن أخبار مريم عيسى وزكريا ويحيى التي وردت في القرآن الكريم هي الأخبار الصحيحة ، وما سواها لم تسلم من يد التحريف ، وقد حكى القرآن الكريم تلك الأخبار بأسلوب جذّاب رقيق وبيان فائق أنيق ، يلتذّ السامع من سماعها ويستنير المخاطب من شعاعها ، مع أدب بارع لا يعقل فوقه أدب. وهذا ممّا تميّز به القرآن الكريم في قصصه عن غيره من سائر الكتب الإلهيّة ، ومن أراد الاطلاع على أكثر من ذلك فليقارن ما ورد في التوراة والإنجيل في أخبار هؤلاء الأنبياء العظام مع ما ورد في القرآن الكريم فيهم ، يرى الفرق واضحا ويحكم بالإعجاز في القرآن الكريم.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) على نبوّة رسول الله صلىاللهعليهوآله وصدقه فيها ، فقد أخبر صلىاللهعليهوآله عن قصة مريم وعيسى ويحيى وزكريا وهو امي لم يقرأ ولم يكتب ، ولم يعرفها أحد من قومه قبل الوحي.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) على أن تسميته المسيح كانت من قبل الله تعالى الذي وضع هذا الاسم له ، ويستفاد منه أن أسماء الأنبياء إنما تكون من قبل الله تعالى ، ولعلّ ما ورد في المأثور : «الأسماء تنزل من السماء» ، تختصّ بأسماء الأنبياء ، وقد ذكرنا أنه ربما يكون الوجه في هذه التسمية