الأنصار لتثبيت شرع الله تعالى والتمسّك بدينه.
وفي الآية الشريفة التسلية لنبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله حين ما رأى من قومه العناء واللجاج.
كما يستفاد منها أن الآيات الكونيّة والمعجزات الباهرات لا تلجئ أحدا على الإيمان ولا تكون ملزمة له ، كما هو صريح بعض الآيات الشريفة مثل قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [سورة القصص ، الآية : ٥٦] ، وذلك صدر منهم من العناد واللجاج ما جعل الأنبياء في العناء والمشقّة من أقوامهم.
قوله تعالى : (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ).
الأنصار جمع نصير ، فعيل بمعنى فاعل ، لأن كلّ واحد من المتناصرين ناصر ومنصور ، وهو بمعنى العون ، ونصرة الله للعبد ظاهرة ، وأما نصرة العبد لله هي نصرته لعبادته والقيام بحفظ حدوده ورعاية عهوده وامتثال أوامره واجتناب مناهيه.
وإنما أضاف إلى الأنصار نفسه لبيان أن نصرته نصرة الله تعالى. وقيّد الأنصار بكونهم إلى الله ، للتحريض والتشويق إلى لقاء الله تعالى ، ونظير ذلك كثير في القرآن الكريم ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [سورة النساء ، الآية : ١٣٦] ، وقال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٤٥] ، وقد ذكر سبحانه وتعالى في موضع آخر بما يرفع الإجمال عن هذا الموضع ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) ، كما قال عيسى بن مريم للحواريين (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) [سورة الصف ، الآية : ١٤].
والاستفهام في هذه الآية الشريفة لاختبار القوم ومعرفة المؤمن منهم عن غيره ، وبيان أهمية النصرة لله تعالى.