من غزل مريم ومن نسج مريم ومن خياطة مريم ، فلما انتهى إلى الماء نودي : يا عيسى ألق عنك زينة الدنيا».
أقول : إذا كانت المدرعة المباركة من متاع الدنيا ، فما ظنك بما في قلوب البشر الذي هو من أخسّ متاع الدنيا ، وكيف يمكن الرفع بهما إلى السماء.
وفي تفسير القمّي : في قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) عن الصادق عليهالسلام : «أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان سيدهم الأتم ، والعاقب ، والسيد ، وحضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلّوا ، فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا رسول الله ، هذا في مسجدك؟ فقال صلىاللهعليهوآله : دعوهم ، فلما فرغوا دنوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إلى ما تدعونا؟ فقال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله وأن عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث ، قالوا : فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : قل لهم ما تقولون في آدم عليهالسلام ، أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب وينكح ، فسألهم النبي صلىاللهعليهوآله فقالوا : نعم ، فقال : فمن أبوه؟ فبهتوا فأنزل الله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)».
أقول : روى مثله السيوطي في الدر المنثور وغيره عن السدي وعكرمة وغيرهما.
وفي أسباب النزول للواحدي : «أن وفد نجران قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ما لك تشتم صاحبنا؟ قال صلىاللهعليهوآله : وما أقول؟ قالوا : تقول : إنه عبد ، قال صلىاللهعليهوآله : أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول ، فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فإن كنت صادقا فأمرنا مثله ، فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)».
أقول : مثل هذه الروايات كثيرة تدلّ على سقوط كونه ابن الله مطلقا ، كما تدلّ على عدم كون الله تعالى أباه ، ففسدت مزاعم النصارى والقول بالتثليث بأي نحو يتصوّر.