عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ) [سورة الشورى ، الآية : ٧] ، وسمّي اللوح المحفوظ ب (ام الكتاب) ، قال تعالى : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [سورة الزخرف ، الآية : ٤] ، وأم النجوم المجرّة ، وسمّيت المحكمات ام الكتاب لأنها اصول المعارف الإلهية ، والقوانين الخلقية ، وتنظيم الأنظمة الدنيوية والاخروية ، فإذا كانت المحكمات اصول القرآن فهي اصول جميع الكتب السماويّة ، لأن جميع الكتب السماويّة شوارق من أشعة القرآن ، استشرقت بها قلوب الأنبياء السابقين ، حتى تجلّت بتمامها في قلب سيد المرسلين ، فشرقت شوارق قلبه المقدّس بعد الاتصال بالذات الأقدس بجوامع الكلم التي هي في نفسها مدار الفقه والفلسفة والبرهان لأهل اليقين والعرفان ، لاتصال النور بالنور ، فيشع في مراتب البروز والظهور.
والتشابه من الشبه ، وهو من المفاهيم العامة الاستعمال في المحاورات الدائرة بين الناس ، فيستعمل في مطلق مشابهة شيء بشيء آخر كيفا أو كما أو في جهة اخرى ، وربما يكون ظهور اللفظ في معنى عرفي يوجب التشابه والالتباس في مورد الاستعمال ، كقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [سورة الفتح ، الآية : ١٠] ، وقوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [سورة طه ، الآية : ٥] ، كما أن المجمل كذلك أيضا.
وقد يتّصف جميع الكتاب بالتشابه أيضا ، كما في قوله تعالى : (كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [سورة الزمر ، الآية : ٢٣] ، لتشابه جميع آياته في الفصاحة والبلاغة وبديع الأسلوب وكمال الجمال ، وأنها صادرة عن مبدئ حكيم قدير ، لا يمكن أن يحيط بحكمته وصنعه ادراك الممكنات.
وهو غير التشابه الذي ورد في هذه الآية الشريفة كما في المحكمات ، والمعنى أن الآيات المحكمات التي هي ام الكتاب هي الأصل الذي لا بد أن يرجع إليه عند قصور العقول عن درك معاني غيرها.