بعضه ببعض ، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضها ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه».
أقول : ضرب القرآن بعضه ببعض يحتمل فيه وجوه :
الأول : ردّ المتشابه إلى المحكم ، وهذا صحيح ، بل واجب كما أمرنا به عقلا وشرعا ، ولا وجه للطعن عليه بل جعله كفرا.
الثاني : الاستشهاد لآية بآية اخرى ، وهذا أيضا صحيح إذا كان مطابقا للسنّة الشريفة ، وقد وقع ذلك في كلمات الأئمة عليهمالسلام أيضا.
الثالث : ما إذا اختار رأيا مستقلا ونظرية خاصة من عند نفسه في تفسير آية ورأي كذلك في آية اخرى ، وجمع بينهما برأيه ، أو جعل آية اخرى دليلا لما اختاره من عند نفسه ، فهذا هو المذموم بلا إشكال ، بل قد يوجب الكفر أيضا لأنه يستلزم تكذيب القرآن ، كما مرّ في الحديث.
ولعلّ ما سأله الصدوق عن شيخه ابن الوليد في معنى الرواية المتقدّمة عن المحاسن هو ذلك ، وأيضا يدلّ على ما ذكرنا روايات كثيرة :
منها : ما في تفسير العماني عن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام يقول : «إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا فختم به الأنبياء ، فلا نبيّ بعده ، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتاب فلا كتاب بعده ، أحلّ فيه حلالا وحرّم حراما ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فيه شرعكم وخبر من قبلكم وبعدكم ، وجعله النبيّ صلىاللهعليهوآله علما باقيا في أوصيائه فتركهم الناس ، وهم الشهداء على أهل كلّ زمان ، وعدلوا عنهم ثم قتلوهم ، واتبعوا غيرهم ثم أخلصوا لهم الطاعة حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر وطلب علومهم ، قال الله سبحانه وتعالى : (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) ، وذلك أنهم ضربوا بعض القرآن ببعض ، واحتجّوا بالمنسوخ وهم يظنون أنه الناسخ ، واحتجّوا بالمتشابه وهم يرون أنه المحكم ، واحتجّوا بالخاص وهم يقدرون أنه العام ، واحتجّوا بأوّل الآية وتركوا السبب في تأويلها ، ولم ينظروا