إلى ما يفتح الكلام وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ، إذ لم يأخذوه عن أهله ، فضلّوا وأضلّوا. واعلموا رحمكم الله : أنه من لم يعرف من كتاب الله عزوجل الناسخ من المنسوخ والخاص من العام والمحكم من المتشابه ، والرخص من العزائم ، والمكّي من المدني ، وأسباب التنزيل ، والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤلفة ، وما فيه من علم القضاء والقدر ، والتقديم والتأخير والمبين والعميق ، والظاهر والباطن ، والابتداء والانتهاء ، والسؤال والجواب ، والقطع والوصل ، والمستثنى منه والجار فيه ، والصفة لما قبل ممّا يدلّ على ما بعد ، والمؤكّد منه والمفصّل ، وعزائمه ورخصه ، ومواضع فرائضه وأحكامه ، ومعنى حلاله وحرامه الذي هلك فيه الملحدون ، والموصول من الألفاظ ، والمحمول على ما قبله وعلى ما بعده ، فليس بعالم بالقرآن ولا هو من أهله. ومتى ما ادّعى معرفة هذه الأقسام مدع بغير دليل فهو كاذب مرتاب مفتر على الله الكذب ورسوله ، ومأواه جهنم وبئس المصير».
ومنها : ما عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله في ذيل ما ورد في الدر المنثور : «فما علمتم منه فقولوا ، وما جهلتم به فكلوه إلى عالمه».
ومنها : ما في نهج البلاغة قال عليهالسلام : «ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره ، فيحكم فيها بخلافه ، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم ، فيصوّب آراءهم جميعا وإلههم واحد ونبيّهم واحد ، وكتابهم واحد أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه؟! أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله سبحانه دينا تامّا فقصّر الرسول صلىاللهعليهوآله عن تبليغه وأدائه؟ والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) ، وقال وفيه تبيان لكل شيء ، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا ، وأنه لا اختلاف فيه ، فقال سبحانه : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ، وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ولا تكشف الظلمات إلا به».