الله من العبد بها».
وعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا».
في تفسير العياشي : عن جابر قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن شيء من تفسير القرآن فأجابني ، ثم سألته ثانية فأجاب بجواب آخر ، فقلت : جعلت فداك ، كنت أجبت في المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم! فقال : يا جابر ، إن للقرآن بطنا وللبطن بطن ، وظهرا وللظهر ظهر ، يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ، أن الآية يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء ، وهو كلام متصل يتصرّف في وجوه».
أقول : المراد من قوله عليهالسلام : «وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن» قبل التفحّص وردّ المتشابه إلى المحكم ، وأما بعد ذلك وتقرير العقول بالشريعة المقدّسة ، فلا بعد حينئذ ، بل أمرنا بالتعقّل والتدبّر والتفكّر في القرآن الكريم في كثير من الآيات الشريفة ، ولا معنى لكون ذلك فيما هو بعيد عن العقول ، فهو بعيد في عين كونه قريبا إلى العقول بالاعتبارين ، كما مرّ آنفا ، وهو كلام متّصل يتصرّف في وجوه.
وفي المعاني : عن حمران بن أعين قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن ظهر القرآن وبطنه ، فقال : ظهره الذين نزل فيهم القرآن ، وبطنه الذين عملوا بأعمالهم يجري فيهم ما نزل في أولئك» ، والروايات في هذا المساق كثيرة جدا ، مضمونها واحد وإن اختلفت التعبيرات الواردة فيها.
والمراد من الظهر والبطن والحدّ والمطلع التي وردت في الروايات المتقدّمة حقيقة واحدة ذات مراتب تشكيكيّة ، فالظهر أي ما يفهم من الظاهر ، فهو مرتبة منها ، والبطن أي ما يستفيده الراسخ في العلم مرتبة اخرى منها ، وكذا المطّلع أو المطلع ، فالمراتب مختلفة والحقيقة القرآنية واحدة ، ونحن في حجب عن درك تلك المراتب ، مثال ذلك : أن اللبن حقيقة واحدة ، وهو في عالم الماديات عبارة عن ما هو المعهود الذي يدر من ثدي الأنثى من الحيوان ، وفي عالم الرؤيا مثلا عبارة عن