والمعنى : أن الذين كفروا بالله تعالى وبنبوّة محمد صلىاللهعليهوآله لا تنفعهم ولا تنجيهم أموالهم التي يبذلونها لجلب منافعهم ودفع مضارهم الدنيوية ، ولا أولادهم الذين يتناصرون بهم في دفع ملمّاتهم ويعولون عليهم في الخطوب والشدائد الدنيوية من عذاب الله شيئا ، لفرض نفاذ المال واضمحلاله ، وحدوث النفرة بين الآباء والأولاد ، كما قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [سورة عبس ، الآية : ٣٤ ـ ٣٧] ، فلا ينفعهم اعتقادهم بأن قالوا : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سورة سبأ ، الآية : ٣٥] ، وقد أنكر سبحانه وتعالى ذلك عليهم وردّهم بقوله جلّ شأنه : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) [سورة سبأ ، الآية : ٣٧].
فالمراد من الإغناء هو الإغناء عن أهوال الآخرة وشدائدها ، والإضافة المالية تنقطع بمجرّد الموت ، وتنتقل إلى الغير ، فتكون هذه القضية من المنتفية بانتفاء الموضوع.
نعم ، لو أنفق ما له في سبيله تعالى يكون باقيا إلى الأبد وينتفع به المنفق ، قال تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [سورة البقرة ، الآية : ١١٠] ، وهو مفروض العدم لفرض الكفر وعدم الإيمان.
وأما الأولاد ، فلا يذكرون آباءهم في شدائد الدنيا فضلا عن أهوال العقبى : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) [سورة الحج ، الآية : ٢] ، فلا منجى من تلك الأهوال والشدائد إلا بالإيمان والعمل الصالح فقط ، لانقطاع الإضافات في شدائد الدنيا ، فضلا عن شدائد الآخرة التي لا تناهي لشدّتها ولا حدّ لمدّتها.