الله تعالى كما في الأحاديث.
والمعنى : أن الذين كفروا بدعوة النبيّ وأنكروا الشريعة دأبهم كدأب قوم فرعون مع موسى عليهالسلام ، ودأب من قبلهم من الأمم ، كذبوا بآيات الله وحججه فاستولت عليهم ذنوبهم فأهلكهم الله ونصر الرسل ، والله شديد العقاب بالنسبة إلى الكفّار أو الذين علموا بالحقّ الواقع وأنكروه.
قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ).
الخطاب متوجّه إلى سيد الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، بل في الواقع متوجّه إلى كلّ نبي أو ولي من أولياء الله تعالى وأنبيائه الذين يستضعفون في الأرض بكلّ نحو من الأنحاء ، ومع ذلك لهم قدم راسخ في إظهار الحقّ وإعلاء كلمته.
مادة (ح ـ ش ـ ر) تأتي بمعنى الجمع والسوق وحيث إن الجلاء عن المحلّ والخروج عن المقر يستلزم الحركة ، سمّي ذلك حشرا ، ويقال ذلك في الجماعة غالبا ، سواء كان الحشر في الدنيا كما في قوله تعالى : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٥٣] ، وقال تعالى : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ) [سورة النمل ، الآية : ١٧] ، أم في الآخرة مثل قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) [سورة الكهف ، الآية : ٤٧] ، واطلق (الحاشر) على سيد الأنبياء ، ولعلّه لتنزيل هذا الفرد العظيم منزلة الجماعة ، أو لأن الناس يحشرون خلفه ، وعلى ملّته يسوق الناس إلى المحشر ، فإنه آخر الأنبياء وأوّل فيض السماء ، فيقوم على قدميه بين يدي الله جلّ جلاله والناس مصطفون خلفه ، فيسوقهم إلى موازين العدل والحساب وتعيين الجزاء بالثواب والعقاب ، ومادة (بأس) من المواد المستعملة في الذمّ بجميع هيئاتها ، اسما وفعلا.
والمعنى : قل للكافرين من اليهود وغيرهم من الكفّار : إنكم ستغلبون وتقهرون في هذه الدنيا وتساقون في الآخرة إلى النار وبئس المهاد ، لما مهدتموه لأنفسكم.