______________________________________________________
لكن لو قلنا بامتناع تحقق الحيض قبل تمام التسع ـ كما هو ظاهر الأصحاب ـ امتنع أن يكون سبباً للبلوغ ، لأنه لا يوجد إلا بعد تحقق شرطه وهو بلوغ التسع ، فيستند البلوغ إليه لأنه أسبق. ولو قلنا بإمكانه فمقتضى إطلاق النصوص المذكورة وإن كان سببية ما يعلم بتحققه قبل إكمال التسع لكن نصوص التحديد حاكمة عليها ، فيختص موضوعها بما يكون بعد تمام التسع ، وحينئذ يمتنع أيضاً جعله سبباً للبلوغ ، للإشكال السابق بعينه. فيتعين أن يكون طريقاً على كلا الوجهين.
وإن كان يشكل على الثاني جعله طريقاً أيضا بأن العلم بما هو موضوع الاحكام يتوقف على العلم بإكمال التسع ، فلو كان طريقاً إلى تحقق التسع لزم الدور. ولا مجال للإشكال المذكور على الأول الذي هو ظاهر الأصحاب لإمكان العلم به بقيام القرائن القطعية الدالة على كونه الدم الذي هو طبيعي للمرأة ، فيكون دليلا على تحقق التسع دلالة وجود المعلول على وجود علته ، ولا مجال لتقرير ذلك على القول الثاني ، لأن القرائن المذكورة وان كانت تدل على أنه الدم الطبيعي للمرأة لكن لا تدل على أنه موضوع الأحكام الشرعية إلا بتوسط العلم باجتماع الحدود فيه ، ومن جملة تلك الحدود كونه بعد إكمال التسع ، فيمتنع حينئذ أن يكون دالا على إكمال التسع للزوم الدور.
وأجاب جماعة عنه بأن إثبات كونه حيضاً يكون بالصفات ، فاذا دلت على أنه حيض دل هو على البلوغ. وفيه : أن الاشكال المذكور في العلم جار في الدلالة بعينه ، لأن الدلالة على المحدود فرع الدلالة على الحدود فيمتنع استفادة الدلالة عليها من الدلالة عليه. مضافا إلى ما قد يقال من أن أدلة الصفات إنما تدل على حجيتها على الحيض في ظرف تحقق البلوغ إذ لا إطلاق لها يشمل صورة عدمه ، فمع الشك فيه لا مجال للرجوع إليها ،