من واد لهم (بصورة سحاب مركوم) (فَلَمَّا رَأَوْهُ) ... (قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) وتباشروا بذلك ، فلمّا سمع هو ذلك منهم قال لهم (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ)(١).
ولمّا دثرت هذه الامم من العرب والقبائل خلت منهم الديار فسكنها غيرهم من الناس ، فنزل قوم من بني حنيفة اليمامة واستوطنوها. وقد كانوا نزلوا بلاد الجحفة بين مكّة والمدينة.
واختلفوا في بني حضور فقيل إنّهم من ولد يافث بن نوح ، ومنهم من الحقهم بمن ذكرنا من العرب البائدة ممن سمّينا ، وكانت أمّة عظيمة ذات بطش وشدة. ومنهم من رأى أنّ ديارهم كانت بلاد جند قنسرين الى تلّ ماسح الى خناصرة الى بلاد سورية ، وهذه المدن في هذا الوقت مضافة الى أعمال حلب من بلاد قنسرين من أرض الشام. ومن الناس من رأى أنّهم كانوا بأرض السماوة وأنّها كانت عمائر متصلة ذات جنان ومياه متدفقة ، وذلك بين العراق الى حدّ الحجاز والشام ، وهي الآن براري وقفار وديار خراب. وقد كان الله بعث إليهم شعيب بن مهدّم بن حضور بن عدي : نبيّا ناهيا لهم عمّا كانوا عليه ، وهو غير شعيب بن نويل. فجدّ شعيب بن مهدم في دعائهم وخوّفهم وتوعّدهم ، وظهرت له معجزات ودلائل أظهرها الله على يديه تدلّ على صدقه وتثبت حجته على قومه ، فقتلوه.
وكان في عصره نبيّ آخر هو برخيا بن اجنيا بن رزنائيل بن شالتان ، من أسباط يهودا بن اسرائيل بن اسحاق بن ابراهيم ، فاوحى الله إليه أن يأمر بعض الملوك في الشام بغزو العرب أصحاب شعيب بن مهدّم ، فسار إليهم في جنوده
__________________
(١) الأحقاف : ٢٤.