ورووا عن هارون الغروي قال : رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة فقلت : أين تريد؟ قال : اريد أن أمضي إلى حنين حتّى أرى الموضع والوقعة.
ويشهد لنباهة الواقدي بهذا الشأن ما قصّه تلميذه وراويته ابن سعد في الطبقات :
إنّ هارون الرشيد ويحيى بن خالد البرمكي حين زارا المدينة في حجتهما ، طلبا من يدلّهما على المشاهد وقبور الشهداء ، فدلّوهما على الواقدي ، فصحبهما في زيارتهما فلم يدع موضعا من المواضع ولا مشهدا من المشاهد إلّا مرّ بهما عليه. فمنحه هارون الرشيد بعشرة آلاف درهم ، فصرفها في قضاء ديون كانت قد تراكمت عليه وزوّج بعض ولده وبقي في يسر وسعة (١).
ولكنّه يعود فيقول : إنّه لحقه دين بعد ذلك فذهب إلى العراق سنة ١٨٠ ه (٢) ويفصّل الخطيب عن الواقدي يقول : كانت للناس في يدي مائة الف درهم اضارب بها في الحنطة ، وتلفت الدراهم ، فشخصت إلى العراق فقصدت يحيى بن خالد البرمكي (٣) ، ويفصّل ابن سعد عنه أيضا يقول : ثمّ إنّ الدّهر أعضّنا ، فقالت لي أمّ عبد الله : يا أبا عبد الله ما قعودك وهذا وزير أمير المؤمنين قد عرفك وسألك أن تسير إليه حيث استقرت به الدار. فرحلت من المدينة. ولمّا دخل بغداد وجد الخليفة والبلاط قد انتقلوا إلى الرّقة بالشام فرحل إليهم حتّى لحق بهم (٤) فيقول : صار إليّ من السلطان ستمائة الف درهم ما وجبت علي فيها الزكاة (٥) ثمّ رجع معهم إلى بغداد
__________________
(١) انظر الطبقات ٥ : ٣١٥.
(٢) الطبقات ٧ : ٧٧.
(٣) تأريخ بغداد ٣ : ٤.
(٤) الطبقات ٥ : ٣١٥.
(٥) تأريخ بغداد ٣ : ٢٠.