ويبدو أن ابن العبري يشير الى هذه الحملة إذ يقول : وفي السنة الخامسة عشرة لهرقل غزا الفرس جزيرة رودس (روديسيا) فافتتحوها ، وأمر كسرى (پرويز) أن يؤخذ رخام الكنائس الّتي في جميع المدن الّتي فتحها وتحدّر الى المدائن ولقي فيه الناس جهدا جهيدا.
وفي هذه السنة غزا هرقل الفرس فافتتح مدينة كسرى وسبوا منها خلقا كثيرا وانصرفوا (١).
وفي رواية الطبري عن الكلبي قال : فلمّا رأى هرقل عظيم ما فيه بلاد الروم من تخريب جنود فارس اياها وقتلها مقاتلتهم وسبيهم ذراريهم واستباحتهم أموالهم وانتهاكهم ما بحضرتهم ... ، [فشاور عظماء الروم ف] أشاروا عليه أن يغزوهم ، فاستعدّ لذلك.
وكان كسرى (پرويز) قد تقدم الى شهر براز أن يجثم مرابطا في الموضع الّذي كان فيه ، وكان قد غضب على شاهين فادوسبان المغرب فأحضره لديه وعزله عن ذلك الثغر. فاستخلف هرقل ابنا له على مدينة قسطنطينية ، وأخذ غير الطريق الّذي فيه شهر براز وسار حتّى أوغل في بلاد أرمينية ونزل نصيبين بعد سنة.
وكان كسرى يومئذ مقيما بدسكرة الملك فلمّا بلغه خبر تساقط هرقل في جنوده الى نصيبين ، وجّه لمحاربته رجلا من قواده يقال له : راهزار في اثني عشر ألف مقاتل ، وأمره أن يقيم بنينوى من مدينة الموصل على شاطئ دجلة ويمنع الروم أن يجوزوها. فنفّذ راهزار لامره وعسكر حيث أمره. فقطع هرقل دجلة في موضع آخر الى الناحية الّتي كان فيها جند فارس.
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول : ٩٢.