منه البعض إلّا أنّه ليس على قانون طبيعي ولا على موافقة المزاج. وكان عند العرب من هذا الطب كثير ، وكان فيهم أطبّاء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره» (١).
ويكفي أن نذكر هنا ما رواه البلاذري في اميّتهم : إنّ الإسلام دخل وفي قريش سبعة عشر رجلا ، وفي الأوس والخزرج في المدينة اثنا عشر رجلا يعرفون القراءة والكتابة (٢).
ويقول ابن خلدون عن نوعية الخطّ عندهم «وكانت كتابة العرب بدوية وكان الخط العربي لأوّل الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة ولا إلى التوسط ، ذلك لمكان العرب من البداوة والتوحّش وبعدهم عن الصنائع. وانظر ما وقع ـ لأجل ذلك ـ في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها ، ثمّ اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبرّكا بما رسمه اصحاب الرسول» (٣).
بل ربّما كانوا يعتبرون القراءة والكتابة عيبا ، فقد قال عيسى بن عمر : قال لي ذو الرّمة : ارفع هذا الحرف. فقلت له : أتكتب؟ فقال بيده على فيه اي اكتم عليّ ، فإنّه عندنا عيب (٤).
وقال ابن خلدون بهذا الصدد : «مع ما يلحقهم من الأنفة عن انتحال العلم حينئذ ، لأنّه من جملة الصنائع ، والرؤساء ـ أبدا ـ يستنكفون عن الصنائع والمهن وما يجرّ إليها» (٥).
__________________
(١) مقدّمة ابن خلدون : ٤٩٣.
(٢) فتوح البلدان ق ٣ : ٥٨٠.
(٣) مقدّمة ابن خلدون : ٤١٩.
(٤) الشعر والشعراء لابن قتيبة : ٣٣٤.
(٥) مقدّمة ابن خلدون : ٥٤٤ ، فصل «أنّ حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم».