فقالت : ولم؟ قال : زعم أنّ ربّه أمره بذلك. فوقع في نفسها أنّه قد امر في ابنها بأمر ، فقالت : فحقّ له أن يطيع ربّه. ولمّا قضت مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى. (١).
وما جاء في خبر علي بن إبراهيم القمّي عن الإمام الصادق عليهالسلام : أنّ الكعبة كانت قبل طوفان نوح قبّة ضربها آدم عليهالسلام بموضع البيت ، يؤيده ما جاء في الخطبة المعروفة بالقاصعة للامام علي عليهالسلام انّه قال :
«ألا ترون أنّ الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم ـ صلوات الله عليه ـ وإلى الآخرين من هذا العالم ، بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما. ثمّ وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا ، وأضيق بطون الأودية قطرا ، بين جبال خشنة ورمال دمثة ، وعيون وشلة وقرى منقطعة ، لا يزكو بها خفّ ولا حافر ولا ظلف. ثمّ امر آدم وولده : أن يثنوا اعطافهم نحوه ، فصار مثابة لمنتجع اسفارهم وغاية لملتقى رحالهم ، تهوى إليه الأفئدة من مفاوز سحيقة ..» (٢).
ولعلّ هذا هو معنى قوله تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٣) فانّ رفع القواعد يفيد انها كانت قد وضعت قبل ذلك وإنّ إبراهيم هو الذي رفعها وشيّد على أساسها وإن لم تكن بقيت بعد طوفان نوح ، حيث قرأنا في الخبر عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّ جبرئيل هو الذي دلّ إبراهيم عليهالسلام على موضع البيت.
__________________
(١) تفسير القمّي ٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٦.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة : ١٩٢ ، صبحي الصالح.
(٣) البقرة : ١٢٧ و ١٢٨.