والإعذار تمّ كلام الميرزا قدسسره إلّا أنّها صريحة في جعل الحليّة والطهارة والحرمة والإباحة وهذه أحكام مضادّة للحكم الواقعي مجتمعة معه زمانا فعاد كلام ابن قبة) (١).
وبالجملة لم نر في هذه الأجوبة المسطورة هنا جوابا شافيا ، والتحقيق كما يقتضيه النظر العميق الدقيق أن يقال : إنّ الحكم عبارة عن اعتبار الحاكم الفعل مثلا على ذمّة المكلّف مثل الدين فإنّه عبارة عن اعتبار مال في ذمّة المدين ، وقد اطلق على الواجبات في بعض الأخبار أنّها دين في قوله : إنّ دين الله أحقّ بالوفاء (٢) أو أحقّ أن يقضى (٣). وحينئذ فحقيقة الحكم هو الاعتبار وحيث إنّ الاعتبار سهل المئونة نظير التصوّر ، فيجوز أن يعتبر الوجوب وعدم الوجوب كما يجوز أن يتصوّرها. نعم لا يمكن من ناحية إخلاله بالحكمة وهذا ليس استحالة من جهة التضادّ.
وحينئذ فهذا الاعتبار مسبوق بأمرين ، وملحوق بأمرين :
أمّا الأمران السابقان فهما عبارة عن العلم بالصلاح من قبل الله تعالى في العمل وأنّ فيه مصلحة للمكلّف ، وهذا احد الأمرين ، والثاني الشوق إلى ذلك كما في الأوامر الصادرة من النبيّ صلىاللهعليهوآله أو الوليّ فإنّها لو لا الشوق إلى ذلك العمل ولو من جهة المصلحة للمكلّف لما أمر النبيّ أو الوليّ بذلك ، فهذان الأمران هما السابقان على الحكم. وأمّا الأمران اللاحقان فهما عبارة عن الوصول والانبعاث والانزجار.
وحينئذ فالحكم الظاهري لا مانع من اجتماعه مع الحكم الواقعي أصلا لأنّ مراتبه خمسة ، فالتضادّ المدّعى غير موجود فيها كلّها ، لأنّ الاعتبارين ليس هناك استحالة في اجتماعهما لما بيّنّا من أنّ الاعتبار سهل المئونة. وأمّا في المراتب السابقة فهما عبارة عن العلم بالصلاح والشوق للمصلحة المترتّبة على العمل ولكنّ الحكم الظاهري
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) كنز العمال ٥ : ١٢٣ ، الحديث ١٢٣٣١ وصحيح البخاري ٣ : ٤٦ كتاب الصوم باب من مات وعليه صوم.