البحث
البحث في غاية المأمول من علم الأصول
ولكنّ الظاهر عدم جريان قاعدة الفراغ لأنّها أمارة كما قرّرنا تفيد نوعا كون المكلّف لا يأتي بجزء إلّا بعد إتيان ما تقدّمه من الأجزاء ارتكازا ، فلا تجري في الترك العمدي ، مضافا إلى وجود المقيّد والمخصّص مثل قوله له : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (١). وقوله : «هو حين يصلّي أقرب إلى الحقّ» (٢). ممّا يعطي اختصاصها بغير صورة الترك العمدي ، وهذا بحسب الظاهر واضح.
ولا يتوهّم أنّه مورد فإنّها ظاهرة في تعليل الحكم بعدم الاعتناء بذلك فلا تجري قاعدة الفراغ بل لا بدّ من إعادة الصلاة لأصالة الاشتغال ، نعم لو خرج الوقت لا يجب القضاء لعدم إحراز موضوعه وهو الفوت ؛ لأنّه بأمر جديد.
نعم لو علم أنّه ترك السورة عمدا وشكّ في أنّه كان مقلّدا لمن لا يرى وجوبها أم لا وأنّه تركها تمرّدا؟ الظاهر جريان قاعدة الفراغ حينئذ ، لأنّه يشكّ في الصلاة من جهة اقترانها بالتقليد وعدمه فهو شكّ في شرط صحّة الصلاة ، ولا يتوهّم أنّه ممّا كان صورة العمل فيه محفوظة فإنّ الاقتران بالتقليد مشكوك.
المسألة العاشرة : والكلام فيها يقع في جهتين :
الاولى : في جريان قاعدة التجاوز في الغسل والتيمّم بعد الفراغ عن عدم جريانها في الوضوء.
الثانية : أنّ عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء هل يخصّ مورد النصّ وهو الشكّ في الوجود أم يعمّ الشكّ في صحّة الموجود؟
أمّا الكلام في الجهة الاولى : فقد ادّعى صاحب الجواهر قدسسره قلّة المتعرّض لمسألة جريان قاعدة التجاوز في التيمّم والغسل ، وقال : إنّ القواعد تقتضي الجريان لمكان العموم وكون المخصّص واردا في خصوص الوضوء فيبقى غيره على القاعدة (٣).
__________________
(١) انظر الوسائل ١ : ٣٣٢ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٢) انظر الوسائل ٥ : ٣٤٢ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٣) الجواهر ٢ : ٣٥٥.