إلّا العلم بكذب أحدهما ، وليس هذا مانعا لإمكان أن يحكم الشارع بحرمة شيء محلّل حفظا لغرضه في ترك المحرّم ، كما أجرى قاعدة الاشتغال فيما لو علم بأنّ إحدى هاتين المرأتين محلّلة ولكنّه لم يعرفها بعينها فإنّه يحرم عليه النظر إلى كلّ منهما.
وقد التزم الميرزا (١) تبعا للشيخ الأنصاري قدسسره (٢) بجريان استصحاب طهارة أعضاء الوضوء واستصحاب بقاء الحدث فيمن توضّأ بماء مسبوق بالنجاسة ثمّ التفت بعد الفراغ مع جريان نفس المحذور فيه أيضا ، نعم قد لا يجري الاستصحاب في كلا الطرفين معا لمانع آخر غير العلم الإجمالي من إجماع أو غيره ، ومثاله الماء النجس الّذي هو أقلّ من الكرّ لو تمّم كرّا بماء طاهر ولم نستفد من الدليل أنّ تتميم الكرّ رافع للنجاسة السابقة ، فهنا مقتضى الاستصحاب بقاء الطاهر على طهارته والنجس على نجاسته إلّا أنّ قيام الإجماع على أنّ الماء الواحد لا يتبعّض مانع عن جريان الاستصحاب ، فافهم.
[الأمر] الخامس : في تعارض الاستصحاب وقاعدة الفراغ
لا إشكال في تقدّم قاعدة الفراغ أو التجاوز الّتي هي عبارة عن أصالة الصحّة في فعل النفس ، كما لا إشكال في تقدّم أصالة الصحّة في فعل المسلم على الاستصحاب ، ولذا لم نر فقيها توقّف في ذلك أصلا ، إنّما الكلام في وجه التقديم فنقول : أمّا بناء على أنّ قاعده الفراغ والتجاوز وأصالة الصحّة أمارة كما هو الصحيح بدعوى أنّها من باب الأخذ بظاهر حال المسلم بحسب الظنّ النوعي ، بمعنى أنّ الظاهر من حاله وكونه في مقام الامتثال أن لا يترك الجزء أو الشرط عمدا ، وأصالة عدم الغفلة والخطأ تجري في نفي السهو أيضا ، ونفس أدلّة قاعدة الفراغ تدلّ على ذلك أيضا فإنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٧٢.
(٢) انظر الفرائد ٣ : ٣٩٦.