المسألة السابعة : في أنّ قاعدة الفراغ إنّما تجري حيث يكون وجود الأمر محقّقا ويشكّ في كون العمل المأتيّ به مطابقا أم لا ، وأمّا حيث يشكّ في توجّه الأمر بالعمل حينه فلا تجري قاعدة الفراغ حينئذ. ومن هنا فصّل السيّد اليزدي في عروته فيمن صلّى ثمّ شكّ في كون صلاته في الوقت أم لا بين من كان عند شكّه قاطعا بدخول الوقت ، ومن كان بعد شاكّا أيضا فحكم بصحّة صلاة الأوّل ، لأنّه حينئذ قاطع بدخول الوقت فهو قاطع بوجود الأمر ، لكنّه يشكّ في تقدّم العمل على الأمر وتأخّره عنه فيكون شكّه في مقام الامتثال بعد تحقّق الأمر ، وحكم بفساد صلاة الثاني معلّلا بأنّه ليس له الدخول فعلا في الصلاة فكيف تجري قاعدة الفراغ (١)؟ فإنّ مقصوده أنّ المقام لم يحرز فيه الأمر وقاعدة الفراغ لا تحقّق الأمر حينئذ. وهذا بخلاف مثل من شكّ في كون صلاته الّتي كانت إلى هذا الطرف هل كانت إلى القبلة أم لا؟ فإنّ قاعدة الفراغ تجري لإحراز الأمر حينئذ وكون الشكّ في مقام الامتثال. فما ذكره بعض المحشّين من عدم الفرق بين المقامين (٢) ناشئ من عدم التأمّل.
هذا كله فيما لو شكّ بعد الفراغ. أمّا لو شكّ وهو في الصلاة في تحقّق كون صلاته إلى القبلة أم لا فلا تجري قاعدة الفراغ لعدمه ، ولا التجاوز ؛ لأنّ القبلة شرط فعلي أيضا ، كما سيأتي الكلام فيه في الشكّ في الشروط.
وأمّا الشكّ في الشروط فقد يكون الشرط مقوّما للعمل بحيث يفقد العمل بفقده كالقصد في الامور القصديّة كالركوع ، فلو شكّ في كون انحنائه كان بقصد الركوع أم بقصد أخذ شيء مثلا ، لا تجري قاعدة الفراغ لعدم إحراز الوجود. نعم تجري قاعدة التجاوز إذا كان شكّه بعد الدخول فيما يتحقّق به التجاوز ، أمّا قبله فلا بدّ من إعادة العمل لقاعدة الشغل.
__________________
(١) انظر العروة الوثقى ، فصل أحكام الأوقات ، المسألة ٧.
(٢) لم نعثر عليه.