ولا يخفى عليك ما فيه أوّلا : أنّا لم نجد علّة بهذا اللفظ ، نعم في المرفوعة : «فإنّ الحقّ فيما خالفهم» وقد ذكرنا أنّها ضعيفة السند جدّا فلا يعوّل عليها ، نعم في المقبولة : «قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟ قال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد» (١) ومعلوم أنّه جواب وليس تعليلا حتّى يؤخذ بعمومه ، وعلى تقدير عمومه أو وجود رواية كما هو الظاهر من الكليني في ديباجة الكافي (٢) إن لم يكن نقلا بالمعنى فهو مردود بما رددنا به الوجه السابق ، فافهم.
هذا كلّه حيث يكون التعارض بنحو التباين.
وأمّا التعارض بنحو العموم من وجه
فتحقيقه أن يقال : إنّ التعارض بالعموم من وجه مثل : أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ، ففي مورد الاجتماع وهو العالم الفاسق هل يتساقطان ويرجع إلى العامّ الفوق إن كان وإلّا فالأصل العملي ، أو يرجع إلى الأصل العلمي ، أو يرجع في مورد التعارض إلى المرجّحات جميعها أو تلغى المرجّحات السنديّة فقط كما ذهب إليه الميرزا النائيني (٣) دون الدلاليّة أو الجهتيّة فيرجع إليها؟
ذكر الشيخ الأنصاري قدسسره الاحتمالين الأوّلين (٤) ولم يرجّح أحدهما على الآخر ، نعم ذكر مبعّدا للرجوع إلى أحكام التعارض فيهما ، لأنّ الإلغاء لأحدهما على عمومه طرح للحجّة من غير موجب ، لأنّ مورد الافتراق فيه لا معارض له ،
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٧٥ ـ ٧٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٢) انظر الكافي : ١ : ٨.
(٣) فوائد الاصول ٤ : ٧٩٢ ـ ٧٩٣.
(٤) انظر فرائد الاصول ٤ : ٥١ ـ ٥٦.