الصوم في صورة القدرة على الإطعام وأفتى بعدم وجوب الإطعام في ظرف العجز عن الصوم يعلم إجمالا بمخالفة أحد الفتويين للواقع لكنّه لا يضرّ ؛ لأنّ الفرض تعيين الوظيفة للشاكّ وهي الوظيفة العمليّة الظاهريّة) (١). هذا تمام الكلام في الثالث.
وأمّا الكلام في الثاني من موارد الشكّ بين التعيين والتخيير من ناحية الجعل وهو ما إذا علم بوجوب شيء وكون شيء آخر مسقطا لهذا الوجوب وشكّ في كون وجوب الشيء المعلوم تعيينيّا مشروطا بعدم المسقط أو تخييريّا ويكون المسقط عدلا له فيشكّ في كونه مسقطا كالسفر بالنسبة إلى وجوب الصوم أو عدلا للواجب التخييري ، وقد مثّل له بما لو علمنا بوجوب القراءة في الصلاة وشككنا في كون وجوبها تعيينيّا مشروطا بعدم الائتمام فلو لم يتمكّن من القراءة تسقط ولا يجب الائتمام ، أو تخييريّا بينها وبين الائتمام فإذا تعذّرت القراءة يجب الائتمام ؛ لأنّ الواجب التخييري إذا تعذّر بعض أفراده وبقي فرد آخر يتعيّن وجوبه وقد علم حكمه ممّا تقدّم ، وأنّ البراءة جارية في المقام ؛ لأنّ تركهما معا ـ يعني القراءة والائتمام ـ يوجب العقاب قطعا على تقدير كون الوجوب تعيينيّا أو تخييريّا والإتيان بالقراءة قطعا مفرغ للذمّة وإذا أتى بالائتمام سقط الوجوب عنه قطعا.
وإنّما تظهر الثمرة في صورة تعذّر القراءة فهل يجب عليه الائتمام أم لا؟ فنقول : مقتضى أصالة البراءة من الخصوصيّة ثبوت الوجوب التخييري فتكون أصالة البراءة هنا موجبة للائتمام ، (إلّا أنّ أصالة البراءة من الخصوصيّة لا تجري حينئذ لمنافاتها للمنّة فيؤول كما تقدّم إلى كونه حينئذ ـ أي حين عجزه عن القراءة ـ شاكّا في تكليفه بالائتمام فيرجع إلى البراءة منه على قاعدة الشكّ في التكليف.
ثمّ لا يخفى أنّ المثال ليس من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ؛ لأنّ وجوب القراءة ضمني لكونه جزء العمل. وبعبارة اخرى ليس الائتمام مسقطا للقراءة بل إنّ
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.