ولا إشكال في هذا الاستصحاب إلّا إذا اعتبر اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين كما ذكره الآخوند (١) واعتبره ، وحيث لا دليل على اعتباره فالاستصحاب جار كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأمّا ما جعله منشأ لفتوى المشهور : من إبطال الصلاة بالشكّ حيث لا يكون منصوصا ، فليس كما ذكره وإنّما نظرهم إلى صحيحة صفوان عن أبي الحسن عليهالسلام : «إن كنت لا تدري كم صلّيت ولم يقع وهمك على شيء فأعد الصلاة» (٢) فإنّها عامّة يقتصر على تقييدها بموارد النصوص المصحّحة للصلاة ويبقى غيرها تحت العموم.
وأمّا ما ذكره الآخوند ففيه أيضا أنّ الاستصحاب ليس مؤدّاه مطلقا حتّى يقيّد بالروايات ، فإنّ الاستصحاب يبقي الأمر الّذي كان لنا يقين به ، لأنّه إذا استصحب عدم الإتيان بالرابعة فمعناه أنّ الأمر الأوّل باق لم يسقط ، والأمر الأوّل إنّما كان يقتضي الإتيان بالرابعة متّصلة فاستصحابه يقتضي ذلك أيضا ، فلا إطلاق حينئذ في مؤدّى الاستصحاب حتّى يقيّد بالروايات الدالّة على لزوم الإتيان بها متّصلة ، فافهم.
وأمّا ما ذكره الشيخ (٣) من أنّ استفادة الاستصحاب منها يستلزم حملها على التقيّة لاستلزامه إتيان ركعة متّصلة وهو خلاف المذهب ، وأنّها محمولة على لزوم تحصيل اليقين بالامتثال نظير الرواية : «إذا شككت فابن على اليقين» فلا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلا : فلأنّ رواية : «إذا شككت ...» لا نسلّم أنّ المراد منها هذا المعنى.
وأمّا ثانيا : فلو سلّم إرادة هذا المعنى فحمل قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» على قوله : ابن على اليقين في مقام الامتثال مخالفته للظاهر بنحو ربّما تكون موجبة لكونه غلطا محضا.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤٥١.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٢٧ الباب ١٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث الأوّل.
(٣) انظر الفرائد ٣ : ٦٤.