وأمّا إذا كانت الشبهة حكميّة ، سواء كانت مفهوميّة كما إذا علمنا أنّ آخر وقت الظهرين غروب الشمس وشككنا في مفهوم الغروب أنّه استتار القرص عن الأنظار أو غيبوبته في الأفق ، أو كانت الشبهة من جهة تعارض النصوص والأخبار ، فالصحيح عدم جريان الاستصحاب للحكم ، لأنّ الحكم إن كان في الواقع معلّقا على استتار القرص عن الأنظار فقد انقضى قطعا وإلّا فهو باق قطعا ، فالقضيّة المتيقّنة غير متّحدة مع القضيّة المشكوكة ، إذ على تقدير كون الحكم مقيّدا باستتار القرص عن الأبصار فإثبات الحكم بعده من باب إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر ، وليس هذا هو معنى الاستصحاب.
هذا إن قلنا بجريان الاستصحاب حتّى في الشكّ في المقتضي. وأمّا إذا قلنا بعدم جريانه إلّا في الشكّ في المانع فعدم الجريان حينئذ أوضح ، لعدم إحراز مقتضي الحكم ، وقد علّل الميرزا المنع به (١).
وأمّا استصحاب الموضوع فغير جار أيضا لعدم إحرازه ، إذ لو كان الموضوع هو عدم الاستتار عن العين فقد ارتفع قطعا ، وإن كان الموضوع هو عدم الغيبوبة في الأفق فلا شكّ لنا فيه حتّى يستصحب ، واستصحاب عدم تحقّق الغاية إن اريد به استصحاب عدمها بخصوصها فلا يمكن ، لأنّها إمّا حاصلة قطعا أو غير حاصلة قطعا ، واستصحاب عدم تحقّق كلّي الغاية بوصف الغائيّة هو بعينه استصحاب الحكم ، وقد مرّ أنّه غير جار.
نعم ، لو احتمل كون التقييد بالزمان ليس بنحو تمام المطلوب ، بل احتمل أن يكون بنحو تعدّد المطلوب فلا مانع حينئذ من جريان استصحاب الوجوب بعد تحقّق خروج الزمان الّذي قيّد به الواجب ، بناء على جريان الاستصحاب في القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلّي.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٠٩.