صريح قوله : ما جرى عليه الماء فقد طهر (١) فاستصحاب عدم الحائل لا تفيد الطهارة من الحدث والخبث إلّا بالأصل المثبت.
وربّما يقال بأنّ أصالة عدم الحائل والحاجب استقرّ عليه بناء العقلاء فمثبته حجّة ، والدليل على استقرار بناء العقلاء عليه هو عدم اعتنائهم به أصلا. ولكن لا يخفى عليك أنّه لم نتحقّق بناء من العقلاء على ذلك ولا سيرة من المتدينين عليه ، إذ لعلّ عدم الاعتناء والفحص من العرف إنّما كان لاطمئنانهم بعدم الحاجب أو لعدم التفاتهم أصلا ، وعلى تقدير تحقّق السيرة والبناء العقلائي فلعلّها حادثة بسبب فتوى المفتين بعدم الاعتناء فلم يتحقّق أنّها سيرة أو بناء عقلائي نالها إمضاء الشارع فلا تكون حجّة.
ومنها ما لو ادّعى ورثة المجنيّ عليه موت أبيهم بالسراية وادّعى الجاني أنّ المورّث شرب سمّا فمات ، فإنّ الظاهر من الشيخ الطوسي قدسسره التردّد (٢) ومن العلّامة الجزم بالضمان (٣) ومن المحقّق الجزم بعدم الضمان (٤) ومن بعض الفقهاء (٥) إلقاء التعارض بين أصالة عدم الضمان وأصالة عدم شرب السمّ ، ومن المعلوم أنّ أصالة عدم شرب السمّ مثبت لموته بالسراية بناء على الأصل المثبت.
والتحقيق أنّ الموضوع للقصاص أو الدية إن كان مركّبا من جناية الجاني وعدم شرب السمّ لثبت الموضوع للقصاص ، جزئه بالتعبّد والجزء الآخر بالوجدان ، فإنّ الجناية وجدانيّة وعدم الشرب يحرز بالأصل ، وإن كان الموضوع
__________________
(١) الوسائل ١ : ٥٠٢ ، الباب ٢٦ من أبواب الجنابة ، الحديث الأوّل.
(٢) المبسوط ٧ : ١٠٦ ـ ١٠٧.
(٣) انظر تحرير الأحكام ٥ : ٥٢٤.
(٤) الشرائع ٤ : ٢٤١.
(٥) لم نقف عليه.