لأنّه قد يتعيّن أحدهما أن يكون مخصّصا كما في العموم والخصوص المطلق ، وقد لا يتعيّن كما في العامّين من وجه ، فإنّ كلّا منهما قابل لأن يخصّص الآخر.
وإمّا أن يكون مع رفع الموضوع لا مع حفظه ، وحينئذ فإن كان نفس التعبّد رافعا للموضوع فهو الورود ، وإن كان المتعبّد به رافعا للموضوع فهو الحكومة ، مثال الأوّل البراءة العقليّة بالإضافة إلى الأمارة فإنّ موضوعها عدم البيان ، فإذا ورد دليل التعبّد بخبر الواحد فهذا التعبّد بخبر الواحد أمر وجداني ، وهذا الأمر الوجداني يجعل خبر الواحد بيانا فيرتفع موضوع عدم البيان بنفس التعبّد وهذا هو الورود. وإن كان المتعبّد به رافعا فهو الحكومة مثل قوله عليهالسلام : «لا شكّ لكثير الشكّ» (١) فإنّ صرف الجعل والتعبّد الوجداني لا يرفع الشكّ وإنّما المتعبّد به وهو عدم الشكّ يكون رافعا لموضوع الشكّ.
وبالجملة ، فإن كان رفع الموضوع بأمر وجداني وهو نفس التعبّد فهو الورود ، وإن كان بأمر تعبّدي وهو المتعبّد به فهو الحكومة. وبعبارة اخرى الفرق بين التخصيص والورود والحكومة هو أنّ التخصيص رفع الحكم مع حفظ الموضوع ، والورود رفع الحكم برفع الموضوع وجدانا من جهة التعبّد ، والحكومة بينهما فإنّها رفع الحكم برفع الموضوع تعبّدا.
إذا عرفت هذا عرفت أنّ الأمارة القائمة على خلاف الاستصحاب دليل تعبّدها يرفع موضوع الاستصحاب وهو الشكّ بما يتعبّدنا به لا بنفس تعبّده وهذا هو معنى الحكومة ، والظاهر أنّ الآخوند أخذ الحكومة خصوص ما يكون أحد الدليلين فيه مفسّرا لمدلول الآخر اللفظي (٢) وسمّى غيره باسم الورود فيعود النزاع لفظيّا لأوله إلى الاختلاف في الاصطلاح ، فالحكومة باصطلاحه قدسسره غير متحقّقة في
__________________
(١) قاعدة فقهيّة استفيدت من أخبار كثير السهو انظر الوسائل ٥ : ٣٢٩ ، الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، انظر الجواهر ١٢ : ٤١٦ ـ ٤١٨.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٤٨٩ و ٤٩٧.