وقد أشكل عليه بأنّ القرعة أيضا أخصّ من جهة اختصاصها بالموضوعات وجريان الاستصحاب في الموضوعات والأحكام.
وقد أجاب الآخوند قدسسره (١) بأنّا لا نسلّم انقلاب النسبة ، بل كلا المخصّصين يجريان معا في آن واحد فلا يخرج الاستصحاب عن الأخصّية ، فافهم.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ انقلاب النسبة هو الصحيح كما سيأتي في بحث التعادل والترجيح.
وثانيا : أنّ دعوى أخصيّة الاستصحاب مبنيّة على أخذ «مشتبه» بمعنى غير معلوم ، وهو باطل كما سيأتي بيانه.
الثالث وهو الصحيح : أنّ المراد من المشتبه والمشكل في لسان الروايات ما لم يتّضح وليس المراد منه غير المعلوم ، بل الّذي غمض وتحيّر فيه من حيث العمل وعدم معرفة الوظيفة الشرعيّة ولو ظاهرا ، ومع قيام الاستصحاب باعتبار أنّ موضوعه الشكّ في الواقع وهو حاصل يرتفع الغموض والتحيّر ، لعدم الاشتباه حينئذ لتعيين الوظيفة ولو بحسب الظاهر. وحينئذ فالمراد من المشتبه والمشكل : الغامض من حيث الحكم ولو ظاهرا ، وبوجود إحدى الأمارات كالاستصحاب يرتفع موضوعها ويختصّ موردها بمورد الغموض والتحيّر ، كما فيما لو علمنا أنّ زيدا وقف داره ولا نعلم أنّه وقفها على تعزية الحسين أو على تعمير المسجد مثلا ، أو علمنا أنّه طلّق إحدى نسائه ولا نعلمها بعينها وقد مات الزوج وأشباهها من الموارد ، ففي مثل هذه الموارد يعلم بالقرعة ولا تحتاج حينئذ إلى جبر بعمل المشهور أصلا ولا تكون كثيرة التخصيص أصلا.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤٩٣.