والثاني : مثل الأمثلة المذكورة ، وأمّا المتعارضان فليس في أحدهما دلالة لفظيّة على حال الآخر من حيث العموم والخصوص ، وإنّما يفيد حكما منافيا لحكم الآخر ، وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحقّقهما واقعا ، يحكم بإرادة خلاف الظاهر في أحدهما المعيّن ، إن كان الآخر أقوى منه ، فهذا الآخر الأقوى قرينة عقليّة على المراد من الآخر ، وليس في مدلوله اللفظي تعرّض
____________________________________
وملخّص تقريب الحكومة على نحو التوسعة : أنّ الدليل المحكوم وهو قوله عليهالسلام : (لا صلاة إلّا بطهور) ظاهر في أنّ الصلاة مشروطة بالطهارة الواقعيّة ، ولكن أدلّة حجيّة الاستصحاب والبيّنة تفيد كفاية الطهارة الظاهريّة الثابتة بأحدهما ، وبذلك يكون المراد بالطهارة في قوله : (لا صلاة إلّا بطهور) أعمّ من الطهارة الواقعيّة والظاهريّة ، هذا هو معنى التوسعة ، فتأمّل.
(والثاني : مثل الأمثلة المذكورة).
أي : كون الدليل الحاكم مضيّقا للدليل المحكوم ، فكالأمثلة المذكورة كحكومة أدلّة رفع الحرج ورفع الخطأ ، والنسيان ونفي السهو على كثير السهو وغيرها ... إلى آخره ، وذلك لأنّ هذه الأدلّة الدالّة على رفع الامور المذكورة كلّها جاءت في مقام الامتنان وتضييق دائرة الأحكام الأوّليّة ، لكونها قواعد ثانويّة ، هذا مختصر الكلام في معنى الحكومة.
(أمّا المتعارضان ، فليس في أحدهما دلالة لفظيّة على حال الآخر من حيث العموم والخصوص) ، بأن يكون بمدلوله اللفظي موسّعا للآخر أو مضيّقا ، كما عرفت في الحكومة (وإنّما يفيد حكما) مستقلّا(منافيا لحكم الآخر) بالعموم المطلق ك : أكرم العلماء ولا تكرم المنجّمين ، أو بالعموم من وجه ك : أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ، أو بالتباين ك : أكرم العلماء ولا تكرم العلماء ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحقّقهما واقعا ، يحكم بإرادة خلاف الظاهر في أحدهما المعيّن ، إن كان الآخر أقوى منه) ، بأن يكون أحدهما خاصّا والآخر عامّا ، فإنّ الخاصّ أقوى دلالة من العامّ ، فيحمل العامّ على خلاف ظاهره ، أو يكون أحدهما نصّا والآخر ظاهرا ، فإنّ النصّ أقوى من الظاهر ، أو يكون أحدهما أظهر والآخر ظاهرا ، فإنّ الظاهر يحمل على خلاف ظاهره ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فهذا الآخر الأقوى قرينة عقليّة على المراد من الآخر ، وليس في مدلوله اللفظي تعرّض