(واما البراءة) فان كان الشك الموجب للرجوع اليها من جهة الشبهة فى الموضوع فقد تقدم أنها غير مشروطة بالفحص عن الدليل المزيل لها وان كان من جهة الشبهة فى الحكم الشرعى فالتحقيق انه ليس لها إلّا شرط واحد وهو الفحص عن الادلة الشرعية والكلام يقع تارة فى اصل الفحص واخرى فى مقداره اما وجوب اصل الفحص وحاصله عدم معذورية الجاهل المقصر فى التعلم فيدل عليه وجوه (الاول) الاجماع القطعى على عدم جواز العمل باصل البراءة قبل استفراغ الوسع فى الادلة (الثانى) الادلة الدالة على وجوب تحصيل العلم مثل آيتى النفر للتفقه وسؤال اهل الذكر والاخبار الدالة على وجوب تحصيل العلم وتحصيل التفقه والذم على ترك السؤال.
(اقول) اما اجراء البراءة فى الشبهة الموضوعية فان كانت الشبهة فى التحريم فلا اشكال ولا خلاف ظاهرا فى عدم وجوب الفحص ويدل عليه اطلاق الاخبار مثل قوله عليهالسلام كل شىء لك حلال حتى تعلم انه حرام وقوله عليهالسلام فى ذيل رواية مسعدة بن صدقة والاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غيره او تقوم بها البينة وقوله عليهالسلام حتى يجيئك شاهد ان يشهدان ان فيه الميتة وغير ذلك السالم عما يصلح لتقييدها.
(وان كانت الشبهة وجوبية) فمقتضى ادلة البراءة حتى العقل كبعض كلمات العلماء عدم وجوب الفحص ايضا وهو مقتضى حكم العقلاء فى بعض الموارد مثل قول المولى لعبده اكرم العلماء او المؤمنين فانه لا يجب الفحص فى المشكوك حاله فى المثالين إلّا انه قد يتراءى ان بناء العقلاء فى بعض الموارد على الفحص والاحتياط كما اذا امر المولى باحضار علماء البلد او اطبائه او اضافتهم او اعطاء كل واحد منهم دينارا فانه قد يدعى ان بنائهم على الفحص