الشريعة ومعه لا يصح التمسك باصل البراءة لما تقدم من ان مجراه الشك فى اصل التكليف لا فى المكلف به مع العلم بالتكليف (فان قلت) هذا يقتضى عدم جواز الرجوع الى البراءة فى اول الامر ولو بعد الفحص لان الفحص لا يوجب جريان البراءة مع العلم الاجمالى قلت المعلوم اجمالا وجود التكاليف الواقعية فى الوقائع التى يقدر على الوصول الى مداركها واذا تفحص وعجز عن الاصول الى مدارك الواقعة خرجت تلك الواقعة عن الوقائع التى علم اجمالا بوجود التكاليف فيها فيرجع فيها الى البراءة.
(والسر فى ذلك) ان العادة بعد ما جرت على ان ايصال التكاليف لا يكون على وجه القهر والاجبار واللازم على المولى بيان احكامه على النحو المتعارف وجعله فى معرض الوصول الى عبيده واما فعلية الوصول اليها فهى من وظائف العبد جريا على مقتضى عبوديته من تحصيل ما اراده المولى والعمل على طبقه وهذا الحكم العقلى بمنزلة القرينة المتصلة المانعة عن انعقاد الظهور فى الاطلاق فى الادلة النقلية الدالة على البراءة وعليه فهى من الاول مختصة بما بعد الفحص فى الشبهات الحكمية.
(قوله فتأمل) اشارة الى ان الغرض من تشبيه المقام بمسألة النبوة انحصار طريق العلم عادة فيهما بالفحص وحكم العقل فيهما بوجوب دفع الضرر المحتمل وان كان وجوب الفحص فى المقام شرعيّا ايضا وفى تلك المسألة عقليّا محضا كما انها ليست موردا للرجوع الى البراءة اصلا ولو بعد النظر والفحص لحصول العلم حينئذ بصدق المدعى او كذبه.
(وبالجملة) الفرق بين المقام والمسألة ليس محلا للانكار اصلا والفرق بينهما على ما يستفاد من عبارة بعض الاعلام من المحشين من وجوه ثلاثة.
(احدها) حصول العلم بعد النظر بصدق المدعى باظهار المعجزة وكذبه