وحينئذٍ لا تبقى حجيّة لبعض آخر من النسخ.
ولا دلالة للبعض الأول على عدم الطهارة ؛ لأنّه يكون المعنى أن مع رطوبة الرجل أو الجبهة لا تصل في الموضع وإن يبس بغير الشمس ، ويكون فرده الأجلى عدم اليبس ، ولا يمكن أن يكون هو اليبس بالشمس ؛ لأنه ليس بالأجلى قطعاً ، فيختل الكلام ، فهذا مثل قول القائل : أكرم زيداً ولو أهانك بغير القذف ، فإنّ الفرد الأجلى حينئذٍ هو عدم الإِهانة لا الإِهانة بالقذف ، بل هذا يدل بمفهوم الوصف على عدم الإِكرام مع القذف ، وقد بيّنا في الاُصول أنّ مفهوم الوصف المستفاد من لفظ الغير الوصفي حجة وإن لم نقل بحجية مطلق مفهوم الوصف ، وعلى هذا فيكون هذا الجزء أيضاً دليلاً على الطهارة.
واحتمال فصل جملة قوله : « وإن كان » إلى آخره عن سابقها ، وكونه شرطاً جزاؤه قوله : « فإنّه لا يجوز ذلك » وحينئذٍ يقتضي سابقها عدم الطهارة إما لعمومه أو لارتباطه بصورة يبوسة الموضع بالشمس لا صورة رطوبته .. مندفع : بأن محض الاحتمال غير كافٍ في الاستدلال ، سيما مع أظهرية الوصل هنا.
مع أنه على الفصل يعارض عمومه عموم جملة : « إذا كان الموضع قذراً » إلى آخره ، وارتباطه بما ذكر معارض باحتمال ارتباطه بصورة الرطوبة.
وأما عن صحيحة ابن بزيع : فبأنّ غايته أن معنى قوله : « كيف يطهر بغير ماء ؟ » أنه لا يطهر بغير ماء ، وهو عام شامل لما إذا كان رطباً أو يابساً بغير الشمس ، وقوله في صحيحة زرارة : « إذا جففته الشمس » إلى آخره أخص منه فيخصصه وكذا الموثقة ، ويكون المعنى : أنه إذا كان يابساً لا يطهر بغير ماء ، بل يجب إما غسله بالماء ، أو بلّ الموضع ثانياً حتى تجففه الشمس.
وأما عن الصحيحة الأخيرة : فبأن عموم المفهوم فيها يعارض عموم المنطوق ، فإنه يدل على جواز الصلاة إذا كان الموضع جافاً سواء كان العضو جافاً أيضاً أو رطباً.
مضافاً إلى أن مقتضى المفهوم عدم جواز الصلاة ولو جف بالريح