أيصلي فيه أم لا ؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صلّ فيه ، فإنّ الله إنّما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ؛ فكتب عليه السلام : « لا تصلّ فيه فإنّه رجس » (١).
هذا ، مع أنه لو قطع النظر عن ذلك ، وانحصر الأمر بالمرجّحات العامّة ، لكان الترجيح مع أخبار النجاسة أيضاً ؛ لموافقة الكتاب ، التي هي أقوى المرجّحات المنصوصة ، والمخالفة لمذهب أكثر العامة ـ كما هي عن الاستبصار محكيّة (٢) وإن كان الظاهر من كلام جماعة (٣) خلافه ـ ولما هو أميل إليه حكام أهل الجور ، وذوو الشوكة منهم ، من طهارة الخمر ، حيث إنّ ولوعهم بشربها ، وتلوّثهم غالباً (بها) (٤) مع نجاستها يورث مهانةً لهم في أنظار العوام ، والحكم ببطلان صلاتهم ، وصلاة من كان يقتدي بهم ، والإِزراء والاستخفاف بهم ، فالحكم بالنجاسة مخالف للتقية ، بخلاف الحرمة حيث كانت ضروريّة من الدين ، منسوباً مخالفه إلى الإِلحاد ، فلم تكن بهذه المثابة.
واعتضادها بالشهرة القويّة التي كادت أن تبلغ حدّ الإِجماع ، مع أنّ من المرجّحات المنصوصة التي عمل بها جماعة من الأصحاب : الأخذ بالأخير ، ولا ريب أنّ صحيحة ابن مهزيار ، وخبر خيران ، قد تضمّنا ذلك. فالمسألة بحمد الله واضحة غاية الوضوح.
وفي حكم الخمر سائر المسكرات المائعة بالأصالة ، على المعروف من الأصحاب ، وفي الخلاف والمعتبر : الإِجماع على نجاسته (٥) ، وفي المعالم : لا نعرف
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٠٥ الصلاة ب ٦٦ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٥٨ / ١٤٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٩ / ٦٦٢ (بتفاوت يسير) ، الوسائل ٣ : ٤٦٩ أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٤.
(٢) الاستبصار ١ : ١٩٠ ، قال فيه لأنها موافقة لمذاهب كثيرة من العامة قال في بداية المجتهد ١ : ٧٦ وأكثرهم على نجاسة الخمر وفي ذلك خلاف عن بعض المحدّثين.
(٣) منهم صاحبا الحدائق ٥ : ١٠٦ ، والمشارق : ٣٣٣.
(٤) لا توجد في « ق ».
(٥) الخلاف ٢ : ٤٨٤ ، المعتبر ١ : ٤٢٤.