قادرون على الإعراض عنهم والإنكار عليهم. أو في الكفر إن رضيتم بذلك. أو لأنّ الّذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار كانوا منافقين. ويدلّ عليه : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) يعني : القاعدين والمقعود معهم.
و «إذا» ملغاة ، لوقوعها بين الاسم والخبر ، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل.
وإفراد «مثلهم» لأنّه كالمصدر ، أو للاستغناء به ، لإضافته إلى الجمع.
وفي هذا دلالة على تحريم مجالسة الكفّار والفسّاق وأهل البدع من أيّ جنس كانوا.
روى العيّاشي بإسناده عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام في تفسير هذه الآية قال : «إذا سمعت الرجل يجحد الحقّ ويكذّب به ، ويقع في أهله ، فقم من عنده ، ولا تقاعده» (١).
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) ينتظرون وقوع أمركم. وهو بدل من «الّذين يتّخذون» ، أو صفة للمنافقين والكافرين ، أو ذمّ مرفوع أو منصوب ، أو مبتدأ خبره (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) مظاهرين لكم ، فأسهموا لنا فيما غنمتم (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) من الحرب ، للتهاون الواقع منكم في تدبير الحرب ، وتقصيركم فيه. سمّى ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا ، تعظيما لشأن المسلمين ، وتحقيرا لحظّ الكافرين ، فإنّه مقصور على أمر دنيويّ سريع الزوال (قالُوا) للكافرين (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) أي : قالوا للكفرة : ألم نغلبكم ونتمكّن من قتلكم فأبقينا عليكم؟ والاستحواذ الاستيلاء. وكان القياس أن يقال : استحاذ يستحيذ استحاذة ، فجاءت على الأصل.
(وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بأن ثبّطناهم عنكم ، بتخييل ما ضعفت به قلوبهم ،
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١ : ٢٨١ ح ٢٩٠.