وعن حذيفة : أنتم أشبه الأمم سمتا ببني إسرائيل ، لتركبنّ طريقهم حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة ، غير أنّي لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟
ويجوز أن يكون كلّ واحدة من الصفات الثلاث لطائفة كما قيل ، هذه في المسلمين لاتّصالها بخطابهم ، والظالمون في اليهود ، والفاسقون في النصارى.
والأوّل أصحّ ، لما روى البراء بن عازب عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وبعده (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وبعده (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) كلّ ذلك في الكفّار خاصّة. أورده مسلم في الصحيح (١).
وبه قال ابن مسعود وأبو صالح والضحّاك وعكرمة وقتادة.
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥))
ثمّ بيّن سبحانه حكم التوراة في القصاص ، فقال : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ) وفرضنا على اليهود (فِيها) في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) أي : أنّ النفس تقتل بالنفس (وَالْعَيْنَ) تفقأ (بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ) يجدع (بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ) تقطع (بِالْأُذُنِ وَالسِّنَ) تقلع (بِالسِّنِ). رفعها الكسائي على أنّها جمل معطوفة على «أنّ» وما في حيّزها باعتبار المعنى. وكأنّه قيل : وكتبنا عليهم النفس بالنفس والعين بالعين ، فإنّ الكتابة والقراءة تقعان على الجمل كالقول ، ولذلك قال الزجّاج : لو قرئ : «إنّ النفس» بالكسر لكان صحيحا. أو على أنّها مستأنفة ، ومعناه : وكذلك العين مفقوءة
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ : ١٣٢٧ ح ٢٨.