اللفظ المذكور كما مثّلتم ، وأمّا هاهنا فلا ، لما قلنا من العطف على المحلّ.
وعن الثاني بأنّ إعراب المجاورة ضعيف جدّا ، لا يليق بكتاب الله ، وقد أنكره أكثر أهل العربيّة. مع أنّه إنّما يجوز بشرطين : الأوّل : عدم الالتباس ، كقولهم : حجر ضبّ خرب. والثاني : أن لا يكون معه حرف عطف ، وهنا حرف عطف. وأيضا الروايات المذكورة حجّة عليهم.
والكعبان عندنا هما العظمان الناتئان في ظهر القدمين عند معقد الشراك (١).
وقال بعض المفسّرين والفقهاء : الكعبان هما عظما الساقين. ولو كان كما قالوا لقال سبحانه : وأرجلكم إلى الكعاب ، ولم يقل : إلى الكعبين ، لأنّ على ذلك القول يكون في كلّ رجل كعبان.
(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) عند القيام إلى الصلاة (فَاطَّهَّرُوا) أي : فاغتسلوا (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) من وجه الأرض. و «من» لابتداء الغاية ، ولا يلزم منه وجوب علوق التراب باليد ، كما هو مذهب بعض العامّة وقليل من أصحابنا. وقد سبق تفسير ذلك ، ولعلّ تكريره ليتّصل الكلام في بيان أنواع الطهارة.
(ما يُرِيدُ اللهُ) بما فرض عليكم من الوضوء وقت قيامكم إلى الصلاة ، ومن الغسل من الجنابة ، ومن التيمّم عند عدم الماء أو تعذّر استعماله (لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ليلزمكم في دينكم من ضيق (وَلكِنْ يُرِيدُ) بما فرض عليكم (لِيُطَهِّرَكُمْ) لينظّف أجسادكم عن النجاسة الحكميّة ، أو ليطهّركم عن الذنوب ، فإنّ الوضوء والغسل والتيمّم تكفير للذنوب ، أو ليطهّركم بالتراب إذا أعوزكم التطهير بالماء.
ويمكن أن يكون المراد طهارة القلب عن صفة التمرّد عن طاعة الله ، لأنّ الأمر
__________________
(١) الشراك : سير النعل على ظهر القدم.