(وَهذا) إشارة إلى البيان الّذي جاء به القرآن أو الإسلام ، أو إلى ما سبق من التوفيق والخذلان (صِراطُ رَبِّكَ) طريقه الّذي اقتضته الحكمة ، وعادته في التوفيق والخذلان (مُسْتَقِيماً) عادلا لا اعوجاج فيه. وانتصابه على أنّه حال مؤكّدة ، كقوله : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١). (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) فيعلمون أنّ القادر هو الله تعالى ، وأنّه عالم بأحوال العباد ، حكيم عادل فيما يفعل بهم.
(لَهُمْ) أي : للّذين تذكّروا وعرفوا الحقّ (دارُ السَّلامِ) دار الله ، يعني : الجنّة. أضافها إلى نفسه تعظيما لها. أو دار السلامة من كلّ آفة وكدر. أو دار تحيّتهم فيها سلام. (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي : هي مضمونة لهم عند ربّهم ، يوصلهم إليها لا محالة ، كما تقول : لفلان عندي حقّ لا ينسى. أو ذخيرة لهم لا يعلمون كنهها ، كقوله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (٢).
(وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) مولاهم ومحبّهم وناصرهم على أعدائهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بسبب أعمالهم ، أو متولّيهم بجزاء ما كانوا يعملون.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ
__________________
(١) البقرة : ٩١.
(٢) السجدة : ١٧.